بعد صلح الحديبية توجه أبو سفيان لتجارته فمشى إلى بلاد الشام، ولم يدر في خلده أن مفاجأة في طريقها إليه. يطرق بابه رسول من الحاكم الأعلى لبلاد الشام (هرقل) حاكم بيزنطة والشرق الأوسط
بعد صلح الحديبية توجه أبو سفيان لتجارته فمشى إلى بلاد الشام، ولم يدر في خلده أن مفاجأة في طريقها إليه. يطرق بابه رسول من الحاكم الأعلى لبلاد الشام (هرقل) حاكم بيزنطة والشرق الأوسط، يقول الرسول توجه إلى مجلس الملك في القدس (إيلياء).
هناك وفي محفل مهيب يسأل هرقل من هو أقرب الناس نسبا لهذا الرجل الذي خرج عندكم يدعي النبوة؟ اعترف أبو سفيان بأنه أقرب الناس نسبا به..
يطلب منه الجلوس بين يديه ويقول ضعوا أصحابه في ظهره فإن كذب فكذبوه. يعترف أبو سفيان أنه كان سيكذب لولا جماعته في ظهره.
يطرح هرقل عشرة أسئلة ويتلقى من أبي سفيان الأجوبة.
يسأل عن نسبه؟ يجيب أبو سفيان: هو فينا ذو نسب.
هل سبقه بالقول أحد من قبل؟ فقال مثل ما يقول؟ يجيب أبو سفيان بالنفي.
يسأل هرقل ثالثاً إن كان ثمة ملك في سلالته من قبل؟ فيكون جواب أبي سفيان: لا!
هنا يتوجه هرقل للسؤال عن الأتباع. من يتبعه أشراف القوم والسادة أم الضعفاء؟ هل يزيدون؟ أم ينقصون؟ وهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه متضايقا متذمرا؟ فيجيب أبو سفيان أن أتباعه هم من الضعفاء ومن يحاربه الأشراف. وأن عددهم في زيادة. وأنه ليس ثمة أحد كفر وتراجع عن دينه بعد الاعتناق.
يسأل هرقل عن أخلاقيات النبي هل يغدر؟ هل يكذب؟ فيجيب أبو سفيان: لا، ثم يحاول أن يدخل ولو من ثغرة فيقول نحن في صلح معه ولا ندري ما هو فاعل. هكذا قال أبو سفيان.
في النهاية يسأل العاهل الروماني عن القتال بينهم وبين محمد (ص)؟ فيجيب أن الأمر سجال يوم لنا ويوم علينا.
ثم يختتم هرقل أسئلته عن طبيعة دعوة النبي (ص) وإلى ماذا يدعو فعلاً؟ فيجيب أبو سفيان بكل بساطة:
إنه يدعونا إلى عبادة الله الواحد القهار وترك الوثنية وأنه يأمرهم بالصلاة والصدق والعفاف وصلة الرحم.
عجيب أليس كذلك؟ أن يرفض رجل ويحارب لأنه يدعو لمثل هذه الأخلاقيات.. ولكن مرض الاستكبار لا علاج له.
يلتفت هرقل إلى الترجمان فيقول انقل لهم تعليقي على ما سألت وماذا أجبت. فأما أنه من نسب كذلك الأنبياء تبعث في أنسابها. وأما أنه جديد القول فليس من يتأسى به ويقلده. ولأنه ليس في آبائه من ملك فلو كان لربما كانت سببا خلف دعوته يروم بها استعادة عرش آبائه.
أما الأتباع فالفقراء والمساكين والبسطاء الطيبون ملح الأرض هم أتباع الأنبياء، ويزدادون حتى يتم الله الأمر، ولا يرتد أحد وهي طبيعة الإيمان عندما تخالط بشاشته القلوب.
ولأنه لا يغدر ولا يكذب فهي صفة النبوة، وأما القتال فهكذا يبدأ حتى يستتب الأمر للنبي، وأما تعاليمه فهي ما قالت به الأنبياء وطبقة الصالحين.
يقول راوي الحديث إن دحية الكلبي كان يحمل كتاب رسول الله إليه أن يعتنق الإسلام فهو خير وأبقى وإلا كان سدا في وجه انتشار الخير أمام الكادحين من الطامحين للعدل والنور.
يقول راوي الحديث إن هرقل تمنى أن يأتي فيغسل قدمي النبي كما فعل يوحنا المعمدان مع عيسى بن مريم. وتمنى أن يتجشم أتعاب الطريق لمقابلته والتعرف على دعوته. ومن أجل هذا قام بتجربة مراجعة في حمص لأتباعه من حوله فهاجوا وماجوا ورفضوا الدين الجديد.
هرقل خسر خسرانا مبينا مرتين الأولى في الهداية، والثانية في خسارة الأمصار الشاسعة حين تقدم الفتح الإسلامي.