تهدد العقوبات الأميركية التي استؤنفت في 5 نوفمبر 2018 بإعاقة قناة المشتريات، التي هي الآلية التي وضعتها «خطة العمل الشاملة المشتركة» لمراقبة عمليات نقل المواد والمعدات وغيرها من المساعدات الضرورية لبرنامج إيران النووي. وتشرف القناة على المشتريات لأغراض نووية وبعض الأهداف التجارية، كما أنها المسار الذي تُلزَم طهران بموجبه بإخطار الأمم المتحدة عن بعض التعديلات التي قد تجريها على منشآتها النووية والأنشطة ذات الصلة.
وعلى الرغم من أن استعمال القناة كان محدودا، إلا أنها تحتفظ بقيمة نسبية كأداة لمنع الانتشار النووي، وبالتالي على أميركا المتحدة تقديم إعفاءات لبعض الشركات التي تسعى إلى استخدامها. وفي المقابل يتعين على واشنطن أيضا ممارسة الضغوط على حكومات أخرى لدعم اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد مجموعة أنشطة الشراء الإيرانية غير المشروعة.
قبل عام 2003، كان جزء كبير من عمل إيران النووي، وذلك الخاص بالصواريخ الباليستية، يعتمد على المواد والمساعدة السرية التي كانت تحصل عليها من شركات واجهة وجامعات وقنوات دبلوماسية. ولا تزال بعض هذه الكيانات المشاركة في هذه المشتريات خاضعة لعقوبات الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الذي أقر الاتفاق النووي لعام 2015. وفي ضوء سلوك إيران الماضي، وضعت «خطة العمل الشاملة المشتركة» قناة لمراقبة المشتريات التي يسمح بها الاتفاق، الأمر الذي منح الموقعين هامشا من الشفافية اشتدت الحاجة إليه بشأن الواردات ذات الصلة النووية المحتملة. ويتولى البرنامج مراجعة نوعين من عمليات النقل، هي:
ـ المواد والخدمات المزوَّدة إلى إيران لأغراض نووية مسموح بها.
ـ المواد ذات الاستخدام المزدوج التي يتم نقلها لأغراض تجارية غير نووية لكن يمكن استخدامها في البرنامج النووي.
ويُلزم القرار رقم 2231 معظم الكيانات التي تصدّر مواد نووية أو ذات الاستخدام المزدوج إلى إيران بتقديم طلب إلى «الفريق العامل المعني بالمشتريات» الذي يتألف من مسؤولين من الدول الموقعة على «خطة العمل الشاملة المشتركة». وإذا وافق «الفريق» على الطلب، يُحال إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على تصريح نهائي، وتُعفى بعض الكيانات من هذه العملية.
ومنذ انسحاب أميركا من «خطة العمل الشاملة المشتركة» في مايو، لم تعد عضواً في «الفريق العامل المعني بالمشتريات»، لذا سيكون تدخلها لمنع المشتريات المشبوهة أمرا صعبا للغاية.
وفي الوقت نفسه، خضع جزء كبير من نشاط قناة المشتريات إلى عقوبات بموجب القانون الأميركي، وفي الحالات المتعلقة بالبرامج النووية سيتم تطبيق العقوبات لأن الكيانات المشاركة في البنية التحتية النووية لإيران ستتم إعادتها إلى قوائم العقوبات الأميركية. أما في حالات المشتريات التجارية فقد يخضع المستوردون لعدد من العقوبات المفروضة على قطاعات الطاقة والشحن وبناء السفن وصناعة السيارات الإيرانية.
عندما تم إنشاء قناة المشتريات توقع عدد من السلطات أن تُغدق عليها الطلبات. وعوضا عن ذلك، لم تشهد سوى القليل جدا منها، فمنذ يونيو 2018 لم تتلق القناة سوى 37 طلبا، تمت الموافقة على 24 منها، ورُفضت 3، وتمّ سحب 7 ووضع 3 قيد المراجعة.
ويُعزى استخدام القناة بشكل جزئي إلى عدم تمكّن إيران من الحصول على التمويل. فقد كانت المصارف العالمية مترددة في التعامل مع إيران بشكل عام، لذا فهي حتى أقل احتمالا بأن تقوم بتمويل مشتريات ثنائية الاستخدام، بالإضافة إلى ذلك قد لا تكون الشركات قد حصلت على المعلومات الكافية بشأن وجود القناة أو متطلباتها، لا سيما في البلدان ذات نظم مراقبة الصادرات الأقل تطورا.
كما استحدثت إيران وسائل متطورة للالتفاف على العقوبات على مدى ثلاثة عقود، كما لم تتخل بالكامل يوما عن شبكات التهرب الخاصة بها. ومع ذلك كان هذا السلوك المخادع هو الذي جعل الشركات الدولية تتردد في استئناف العمل معها في المقام الأول.
وبالفعل، أفادت بعض التقارير بأن بعض المواد التي كانت بحاجة إلى موافقة «الفريق العامل المعني بالمشتريات» والأمم المتحدة قد تم إرسالها إلى خارج قناة المشتريات.
وفي وجه إعادة فرض العقوبات الأميركية وفرض وجود قناة مشتريات متعثّرة، من المرجح أن يستمر الانتشار غير الشرعي للأسلحة النووية الإيرانية، لذا يتعين على واشنطن توفير معلومات استخباراتية وغيرها من الموارد الكافية من أجل كشف المشتريات وتعطيلها خارج القناة. ويشمل ذلك طلب مساعدة الموقّعين على «خطة العمل الشاملة المشتركة» على جبهتين هما: تعزيز الشفافية في إعداد التقارير عن أنشطة الشراء التي تخدم أهداف عدم انتشار الأسلحة النووية وزيادة اليقظة من الخدع الإيرانية.
وفي المقابل، بإمكان الولايات المتحدة التعهد بعدم فرض عقوبات على شركات متورطة في بعض المشتريات. غير أن مثل هذه المقايضة لن تُطبّق على الجزء الأكبر من نشاط القناة (أي المشتريات التجارية المزدوجة الاستخدام)، بل فقط على الأنشطة ذات الأهداف الواضحة لعدم الانتشار، على غرار المناطق الثلاث التالية المستثناة من موافقة «الفريق العامل المعني بالمشتريات»:
وتُعتبر روسيا والصين جهتين فاعلتين رئيسيتين في هذه الأنشطة، لذا يتعين على واشنطن الضغط عليهما لكي تمتثلا بصورة كاملة للالتزامات القائمة: أي إشعار مجلس الأمن الدولي واللجنة المشتركة قبل عشرة أيام مقدّما من حصول أي عملية نقل، والتحقق من الاستخدام النهائي الفعلي لصادراتهما.

كاثرين باور إلينا ديلوجر

 * باور، مسؤولة سابقة في وزارة الخزانة الأميركية
* ديلوجر، محللة نووية سابقة في «مكتب مكافحة الإرهاب»
* معهد واشنطن