المرأة الناجحة ليست تهديدا للدين، ولا للقانون، ولا للعائلة، حقيقة، بقدر بساطتها لم تكن ظاهرة في الإعلام الكويتي الدرامي الذي سبق وانتقدت فيه التقديم السلبي للمرأة الناجحة مهنيا وشيطنتها

بصفتي مختصة، قضيت ما يقارب ست سنوات من عمري في دراسة الإعلام في بريطانيا، أجد أن موضوع تمثيل المرأة في الإعلام بشكل سلبي قضية عالمية ما تزال دول العالم أجمع بصدد إصدار قوانين وتشريعات تضمن تمثيلا منصفا لها. لم تستحدث بريطانيا العظمى قانونا بهذا الخصوص سوى هذا العام 2019، والذي ينص على منع وتغريم أي جهة تسويقية أو دعائية من تمثيل المرأة بشكل نمطي، جنسوي، يجعلها محدودة المهام، ومقتصرة العمل على وظائف دونية. كنت دائما أفكر، كيف يمكننا معالجة مشكلة النظرة النمطية للمرأة خصوصا العاملة، وبشكل ناعم وسلس. ولم أجد مثالا رائعا ومميزا على ذلك مثل مسلسل «قلب العدالة» على نتفلكس. المسلسل الإماراتي، الذي أنتجته «نتفلكس» وتم تصويره في «أبو ظبي»، تقوم بدور البطولة فيه فتاة شابة إماراتية، محجبة، طموحة، تخرجت من أميركا محامية، وعادت للعمل لخدمة دولتها وعائلتها. فرح، أو شخصية فرح، في هذا المسلسل تمثّل المرأة الإماراتية خير تمثيل، فهي تعمل محامية لخدمة قطاع وزاري في الدولة والمساهمة في أن يستتب الأمن والأمان، تتفرد بالتعاطي مع قضايا كبيرة وتبرئ البريئين أحيانا، وأحيانا تجرّ المجرمين للعدالة. دور فرح المهني مميز في المسلسل، وحتى دورها من منظور اجتماعي، مع والدها والذي يعمل محاميا أيضا. شخصية «فرح» لا تستفز المتدين ولا تتعدّى على القانون ولا تتمرد على العائلة، وهي ناجحة ومميزة بعملها. وهذا الأمر، رغم أنه يبدو بسيطا جدا، إلا أن الإعلام الإماراتي أول من يلتفت له، ويوظّف الدراما من أجل خدمة هذه القضية النبيلة والصادقة والبسيطة جدا، وهي أن المرأة الناجحة ليست تهديدا للدين، ولا للقانون، ولا للعائلة.
 هذه الحقيقة، بقدر بساطتها لكنها لم تكن ظاهرة في الإعلام الكويتي الدرامي والذي سبق وانتقدت فيه التمثيل السلبي للمرأة الناجحة مهنيا، حيث سبق وذكرت أنه تتم شيطنة المرأة الناجحة مهنيا ويتم تصويرها كخائنة لزوجها، متمردة على أهلها سيئة في طباعها مع الأسف، والإعلام التركي الدرامي هو الأسوأ على الإطلاق بشهادة قامات تركية رفيعة مثل الكاتبة «اليف شافاق»، والتي أشارت إلى أن المرأة يتم تصويرها في الدراما التركية كما لو أنها مجرّد أداة تفريخ، ليس لها أي قيمة اقتصاديا أو مهنيا أو اجتماعيا. محتويات درامية من دول أخرى مثل لبنان ومصر أيضا لم تتعامل مع هذه القضية بالوعي الكافي كالذي شهدناه في «قلب العدالة». وربما يكون للوسيلة دور في ذلك، فإن الإعلام التقليدي، كما يشير البعض، يربح من التمثيلات السلبية التي تعزز أفكار متعارف عليها بينما «نتفلكس» تميل للابتكار والمرونة، لكن حتى لو كان هذا الادعاء حاضرا فهو غير مثبت ولا يبرر ممارسات التلفاز التقليدي السلبية.
 المرأة الإماراتية مهنية، مخلصة، رائعة كما أجدها في مسلسل «قلب العدالة» على «نتفلكس»، وهذا التمثيل هو الأقرب للواقع، وربما لهذا السبب وصل المعنى للمتلقين العالميين بسلاسة منذ نشر العمل العام المنصرم. وهناك حاجة لمحتويات أكثر مثل «قلب العدالة». وفقا لإحصاءات رسمية إماراتية، تشغل المرأة الإماراتية نسبة 20 في المئة من عضوية المجلس الوطني الاتحادي، ونحو 30 في المئة من العاملين في السلك الدبلوماسي والقنصلي للدولة. وتضم حكومة الإمارات حاليا 9 وزيرات، وتمثل المرأة اليوم نحو 46.6 في المئة من سوق العمل، مما يجعل المساواة بين الجندرين في الدولة هدفا قارب على التحقق. وتشغل النساء الإماراتيات ما نسبته 66 في المئة من الكادر الوظيفي بالجهات الحكومية، 30 في المئة منهن قياديات، وتبلغ نسبة تمثيل المرأة 13.8 في المئة في مجالس إدارة الجهات الاتحادية بالدولة، ووفقا لتقرير مؤشر الازدهار، الصادر عن معهد ليجاتم، في لندن، حصلت الإمارات على المركز الأول عالميا في مؤشر حقوق الملكية بين الجنسين لعام 2017. من وجهة نظري التخصصية، المرأة الإماراتية نجحت في الوصول للذاكرة العالمية بنجاحها وإصرارها، وذلك يشكّل نوعا من القوة الناعمة للإمارات، والخليج العربي عموما، ويجعل من الجهد المبذول في هذا الخصوص نموذجا للتنمية المستمرة بإذن الله على الصعيد الوطني والإقليمي، فيما يتعلق بقضايا بالمرأة والإعلام.