وفقا لبيان مشترك صادر عن وزارة الخارجية الأميركية وجمهورية بولندا، سيعقد مؤتمر وارسو في 13-14 فبراير. تمت دعوة وزراء الخارجية من جميع أنحاء العالم لحضور المؤتمر، ومن المتوقع حضور حوالي 70 دولة.
يعتقد المراقبون السياسيون أن التوقيت تم اختياره عمدا ليتزامن مع الذكرى الأربعين لمجيء آية الله الخميني إلى السلطة في إيران عام 1979 والإطاحة بالشاه.
انتقد النظام الإيراني بولندا بشدة لاستضافتها القمة. زعمت طهران أنه خلال الحرب العالمية الثانية، من بين ملايين اللاجئين الهاربين من الدول الأوروبية بسبب الحرب، جاء أكثر من 100.000 بولندي عبر الاتحاد السوفياتي السابق إلى إيران، واستقروا في البلاد.
في خطوة أخرى، في مهرجان الأفلام البولندية الذي سيعقد في طهران بمناسبة الذكرى الأربعين لولادة نظام الملالي، أزالت إدارة المهرجان قسم السينما البولندية من البرنامج، احتجاجًا على مؤتمر وارسو.
عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، ذهب أبعد من ذلك. في إشارة إلى المقبرة البولندية، غرد على تويتر قائلا: «تم دفن حوالي 1900 بولندي في المقبرة البولندية في طهران. فيما يتعلق بالشعب البولندي، بقيت هذه المقبرة على حالها منذ أكثر من 70 عامًا».
إن الإشارة العجيبة وغير المبررة إلى أشخاص ماتوا منذ أكثر من سبعين سنة - ممن يستحقون الاحترام فقط، والذاكرة العزيزة وصلوات عائلاتهم، ويجب أن يستمر تكريمهم في تلك المقبرة- إظهار کل ما يتعارض مع ذلك، إلى جانب الغطرسة والعنجهية في الإعراب عن المشاعر والمواقف، في الوقت نفسه يظهر الضعف العميق لهذا النظام الفاشي الديني في مواجهة التحديات والأزمات التي تتزايد وتتضاعف يوما بعد يوم.
الملالي، غير القادرين على الحفاظ على وجودهم، يتشبثون ببلدان أوروبية مستعدة للمساعدة، إن النظام الإيراني يعرف جيداً أنه لا يمتلك شرعية ولا قاعدة شعبية. لذلك يعتقد أن التشبث بحكومات الاتحاد الأوروبي التي برأي النظام لا توجد عندها صرامة سياسية في فرض العزلة على النظام، کما فعلت الولايات المتحدة الأميركية.
ولكن باعتقادي، كما قالت السيدة مريم رجوي، ستدرك أوروبا أن الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة - بدلاً من إرضاء ديكتاتورية دينية منبوذة - هو في مصلحتها الوطنية الخاصة.
على هذه الخلفية، يمكن اعتبار شهر شباط (فبراير) 2019 علامة جيدة للغاية على نهاية صفحة طويلة مأساوية من تاريخ العالم، والتي بدأت في عام 1979 بقمة غوادلوب، وسوف تختفي مع مؤتمر وارسو.
وقالت السيدة مريم رجوي، في اجتماع المقاومة الإيرانية السنوي في فيلبينت بالقرب من باريس في يوليو 2017: خلال هذه السنوات الـ38، ظل الملالي في حالة حرب لمدة ثماني سنوات مع العراق وستة أعوام مع الشعب السوري، وكانوا يواجهون المجتمع الدولي منذ أكثر من 10 سنوات لبناء قنبلة نووية. في الآونة الأخيرة، رأينا أن علي أكبر صالحي، رئيس منظمة الطاقة الذرية اعترف بشكل مباشر في 22 يناير في التلفزيون الإيراني الرسمي بأنه كذب على المجتمع الدولي وخدع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن مشروع آراك النووي.
يلجأ النظام إلى أي عمل يمكن تخيله من أجل البقاء. قمع دموي داخل البلاد، مشاريع نووية، برامج صاروخية بعيدة المدى، دعم رسمي صريح للإرهاب، تسليح الميليشيات والجماعات التابعة له في جميع أنحاء المنطقة، دعم الدكتاتور السوري بشار الأسد، قتل وتشريد ملايين السوريين، مساعدات هائلة إلى حزب الله اللبناني، والتدخل في الشؤون الداخلية للعراق، ومساعدة الحوثيين في اليمن ضد حكومة شرعية، ومساعدة طالبان في أفغانستان، كلها أمثلة واضحة على السياسة المشبوهة التي يمارسها النظام الإيراني في المنطقة. ولكن لا أحد من هذه الأعمال يجعل من الفاشية الدينية أقوى. على العكس، تشير كل الدلائل إلى أن زمن الملالي قد انتهى. ومن ثم فإن مؤتمر وارسو بحاجة إلى قرار حاسم وملزم ضد النظام، من أجل المساهمة في السلام والأمن في الشرق الأوسط.
إن أفضل حل سياسي لإعادة الشعب الإيراني إلى الحرية والعدالة والازدهار الاقتصادي يكمن في دور ومكانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، الذي يمكن الاعتماد عليه في رؤيته لمجتمع تعددي وديمقراطية ذات مصداقية منظمة بشكل ملحوظ ومخلص لجميع الالتزامات التي تم التعهد بها على مدى العقود الثلاثة الماضية. كحركة مقاومة، حافظت دائما على مبادئها الواضحة، وقد دفعت أسعارا باهظة لأن تبقى متماسكة وجديرة بالثقة.
لقد لجأ النظام الإيراني إلى كل تدبير ممكن لتدمير هذا البديل. على وجه الخصوص، حاول الحيلولة دون قيام تجمع إيراني كبير في 30 يونيو 2018، وذلك من خلال التخطيط لعملية إرهابية بمساعدة دبلوماسي-إرهابي في النمسا وعملائه في بلجيكا وفي العديد من الدول الأوروبية الأخرى. بعد يومين من تجمع فيلبينت، تحول الإعلان عن اعتقال المتهم وإحباط العملية الإرهابية المزمعة إلى فضيحة عالمية للملالي.

جوليو تيرتسي

* وزير الخارجية الإيطالي السابق