يرى «لوتشيانو فلوريدي» برفيسور الإعلام الجديد بجامعة أكسفورد أن الحديث عن «مجتمع المعلومات» يبقى حديثا مبهما، حيث إننا عبر هذا المصطلح نتطرق للجوانب السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية وليس فقط التقنية والمعلوماتية.
يرى فلوريدي أن مصطلح مجتمع المعلومات مصطلح مبهم وغامض لأنه أيضا يعطي إيحاء بأننا تجاوزنا كل المراحل ودخلنا مرحلة جديدة وهي مرحلة مجتمع المعلومات، والواقع ليس كذلك. من الجهات القليلة المهتمة بجمع الإحصاءات حول مرحلة تطور المجتمعات معلوماتيا من خلال سرعة شبكة الإنترنت، والاتصالات، واقتصاد الإنترنت، وسياسة المستهلك والحكومة الرقمية - هي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). وقد رصدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مراكز متقدمة على الصعيد المعلوماتي لدول مثل اليابان والسويد، حيث ينظر عبر مثل هذه الإحصاءات لمجتمع المعلومات من خلال ثلاثة عوامل:  -1التعليم.  -2 العولمة          -3 الابتكار. وتنتقد هذه المراكز أيضا بذات النقد الذي وجهه «لوتشيانو فلوريدي» للمجتمع المعلوماتي: أنها تتجاهل أبعادا اقتصادية وسياسية واجتماعية عند حديثها عن مجتمع المعلومات أو معلوماتية المجتمع.
 على سبيل المثال فإن المجتمعات المتقدمة معلوماتيا هي رأسمالية بطبيعتها معتمدة في جوهرها على رأس المال الاقتصادي والسياسي والثقافي. وهناك عهود زمنية مختلفة من الرأسمالية، لعل أحدها رأسمالية حرية الاقتصاد في القرن التاسع عشر، ورأسمالية الشركات في القرن العشرين، ورأسمالية المعلومات للقرن الحادي والعشرين. لوصف المجتمع المعاصر القائم على جدلية القديم والجديد معلوماتيا، اقترح بعض الباحثين الاستعاضة عن اصطلاح «مجتمع المعلومات» بمصطلحات بديلة مثل: رأسمالية الشبكات العالمية أو ببساطة الرأسمالية المعلوماتية. ولعل الجانب الرأسمالي في المجتمعات المعلوماتية يبدو جليا في الحاجة إلى إيجاد إستراتيجيات جديدة لتنفيذ الهيمنة المؤسسية لشركات إعلامية ومعلوماتية مثل «تويتر» و«فيسبوك» و«قوقل» و«أمازون». إن هذه المواقع أبسط ما قامت به هو إعادة هيكلة الرأسمالية وتمكينها من عبور الأوطان والحدود الجغرافية، متجاوزة حتى حواجز النظم الاقتصادية والسياسية والثقافية.
 الجدير بالذكر أن الرأسمالية العالمية للشبكة المعلوماتية تقوم على مبدأ عدم المساواة الهيكلية، ففيها المراكز الرئيسية (الشركات العالمية، وبعض الجهات السياسية، وبعض الأقاليم والبلدان القوية، وأساليب الحياة الغربية) تتكفل بالإنتاج، والتحكم، وتدفقات رأس المال الاقتصادي والسياسي والثقافي. هذا التقسيم هو تعبير عن الطابع التنافسي الشامل للمجتمع المعاصر. من المؤكد أن الجمع بين التسويق وتقنية المعلومات الجديدة سيمكن بعض الشركات من الحصول على ربح أعلى وحصص أكبر في السوق، مما لو كانت تعمل في إطار رأسمالي تقليدي/غير تقني. هل هناك نموذج يشابه «أمازون» في الهيمنة والقوة ضمن سوق غير معلوماتي وتقليدي؟ هل كان «نتفلكس» سينجح في استقطاب هذا العدد من المشتركين والاستمرار في التمدد لو لم يستخدم معلوماتهم لقراءة ذائقتهم والتنبؤ برغباتهم؟ هل كانت ممارسات «فيسبوك» ببيع معلومات مستخدميه الخاصة من ضمنها رسائلهم الشخصية للشركات التجارية أمرا قابلا للحدوث بدون التقنيات الحديثة والتسهيلات المعلوماتية المعاصرة؟ بالطبع الإجابة لجميع ما سبق هي «لا»، ولذلك يمكن القول بأننا بحاجة لوضع تشريعات وقوانين تقلل من رأسمالية الشركات المعلوماتية في المجتمعات المعاصرة، لأننا لو لم نفعل ذلك سيستمر انتقاد البروفيسور «لوتشيانو فلوريدي» حول فكرة مجتمع معلومات بالتكرار على مسامعنا وعلى مسامع المشرّعين إعلاميا وقانونيا.