حسم المسرحي فرحان بلبل الأمر من خلال تجربته الثرية.

حسم المسرحي فرحان بلبل الأمر من خلال تجربته الثرية، وحضوره الواسع، واشتغاله التحليلي لواقع المسرح التجريبي، حين أكد أن هذا المسرح نبتة عربية حتى ولو كانت خصائصه وأدواته وأشكاله تشبه المسرح التجريبي الأجنبي، لأن التجريب ولد في العالم كله دفعة واحدة من بداية عقد تسعينيات القرن العشرين بخصائص متشابهة، فهو الثمرة الأخيرة للمسرح، رغم أن جسد هذا المسرح يمثل بؤرة واحدة دون أن تنتشر خارج أوطانها، ولم تنتقل بكل خصائصها وتجلياتها لتصبح منهجاً عالمياً رغم كل تأثيراتها الهائلة في شتى أنحاء العالم. فقد ظلت تجريبية مايرخولد روسية. وظلت البريختية ألمانية. وظلت العبثية فرنسية. رغم التأثير الكبير الذي تركته هذه التجارب في عدد هائل من مسرحيي العالم. وينفي فرحان كل التعريفات حول معنى التجريب، والتي قيلت في مهرجان القاهرة في دوراته المتعاقبة. فهي وصف للتجريب أكثر مما هي تعريف له ومنها: التجريب رفض لكل ما هو مألوف وثابت ويشمل جميع مفردات العرض ـ التجريب زلزلة لفروع المسرح الأرسطي ـ التجريب مرتبط بالديموقراطية وحرية التعبير ـ التجريب ثورة فنية وحالة من حالات الصرخة المؤلمة التي تقول لقد مللت ما هو سائد وأحلم بالجديد – التجريب انفتاح على ثقافات الآخرين فلا تجريب في حدود ثقافة منعزلة ومحددة ـ ضرورة ارتباط التجريب بالمجتمع وضرورة انبثاقه عنه ـ لا يوجد تعريف محدد للتجريب ـ التجريب فن خاص يتطلب جمهوراً خاصاً به من المثقفين ـ التجريب عملية معملية ـ التجريب مرتبط بالخبرة ـ التجريب هو المسرح والمسرح هو التجريب ـ التجريب هو البحث المعملي في مفردات اللغة المسرحية من أجل تطوير وتجديد شكلها المستقبلي وهو خروج على التقنية التقليدية والتمرد عليها بما يخاطب وجدان المتفرج العصري ـ كل هذا الركام من التعريفات التي أوردها المسرحي فرحان بلبل جعلت المتلقي يختلط عليه ما هو تجريبي بما ليس تجريبياً فهو يقر بانخداع كثير من الممثلين الجاهلين بالمسرح التجريبي بمخرجين أشد جهلاً به فظهرت عروض لا علاقة لها بالتجريب، ورغم ادعاء أصحابها أنها تجريبية. وهذا يعني غياب المعنى الواضح للمسرح التجريبي عند العرب. ولكن السؤال الأصعب لماذا ينفضّ الجمهور عن هذا المسرح وعدم قدرته على الدخول في نسيج الحياة الاجتماعية اليومية؟ ولماذا يلقى الكثير من التعنيف والتثريب والاتهام بالفسق والفجور والمروق من الدين والعروبة؟ ويجيب المسرحي فرحان بلبل (لأنه متهم بتقليد المسرح الأجنبي واستنساخه له ففيه إبداع المقلد، لا تجديد المقتبس مما يؤكد صفة تبعيته للغرب). أما عن مسرحنا التجريبي السعودي فقد سمعت المسرحي العريق فهد رده الحارثي يقول: (لدينا تجريب في المسرح وليس لدينا مسرح تجريبي).