تُعد فكرة «النسيان الصيفي» واحدة من أكبر الافتراضات السائدة حول التعليم، هذا الاعتقاد واسع الانتشار يزعم أن الطلاب على مدار العطلة الصيفية يقومون بنسيان ما تعلموه خلال العام الدراسي. مع الوقت تزداد الأدلة حول هذا النسيان التعليمي المزعوم.
في دراسة استقصائية قامت بها مؤسسة التعليم الصيفي الوطنية، وجدت أن المُعلمين يقضون وقتا طويلا في فصل الخريف في إعادة تدريس جزء من المناهج التي قام الطلاب بنسيانها في فترة الصيف، ويزداد الأمر سوءا مع الطلاب المحرومين الذين يعيشون في مجتمعات فقيرة.
دراسة من جامعة جون هوبكنز أجريت حول مدرسة بالتيمور العامة، وجدت أن الأطفال من الأسر قليلة الدخل يعانون من فقدان حوالي شهرين من التعليم في مهارات القراءة في فترة الإجازة الصيفية.
لكن ماذا إن قمنا بتحدي هذا المفهوم؟ ماذا لو أن الأطفال الذين يُزعم أنهم اختبروا تجربة النسيان الصيفي لم يتعلموا من قبل على الإطلاق؟
ربما نجحوا «دراسيًا» أي أنهم تمرنوا وتم اختبارهم على مهارات وكفاءات محددة قبل بداية الصيف، لكنهم فعليا لم يقوموا بتعلم شيء، وقتها يمكن القول إنه لا يوجد ما يسمى بـ«النسيان الصيفي»، ولا يوجد خسارة فيما تم تعلمه، عندما يصبح التعليم متأصلا وموجها ذاتيا.
عندما يتعلم الأطفال، مهما حدث تظل معرفتهم غير قابلة للنسيان، وقتها يصبح «النسيان الصيفي» أمرا غير قابل للحدوث مع تعليم حقيقي.
في كتابه الأكثر مبيعا لسنة 1964 «كيف يرسب الأطفال؟»، كتب المُعلم جون هولت «لا يهم ما تظهره الاختبارات، نسبة قليلة مما يُدرس في المدارس يتم تعلمه للأطفال، ونسبة قليلة مما يُتعلم يتم تذكره، ونسبة قليلة مما يُتذكر يتم استخدامه. الأشياء التي نتعلمها ونتذكرها ونستخدمها هي الأشياء التي نبحث عنها ونقابلها في حياتنا يوميا في مواقف جادة خارج إطار المدرسة».
هناك مؤسسات تعمل بنظام التعليم الموجه ذاتيا، بجانب تزايد عدد الطلاب المتعلمين منزليا، والذين يسعون إلى رسم مسارهم التعليمي بعيدا عن المدارس، يظهرون الفرق الواضح بين التدريس والتعليم. حينما يتم تدريس الأطفال (أصحاب المستويات المختلفة من النجاح الدراسي) ربما يتعلم العديد منهم الاستماع والحفظ واسترجاع المعلومات لنيل رضا المُعلم واجتياز الاختبارات.
بينما عندما يقوم الأطفال بـ«التعلم»، تصبح المعرفة التي اكتسبوها غير قابلة للنسيان، ولهذا يصبح النسيان الصيفي أمرا غير محتمل الحدوث مع وجود تعليم حقيقي.
يقول العالم توماس أديسون والذي قامت والدته بتعليمه منزليا في سن الثامنة بعد أن وصفه معلمه بأنه غير قادر على التفكير بشكل واضح: «المشكلة في نظامنا التعليمي أنه لا يمنح الفرصة لعقولنا حتى تصبح مرنة، ويحاول تشكيلها في قوالب. لا يشجع على الفكر أو المنطق الأصلي، ويزيد من الضغط لاستخدام الذاكرة بدلا من الملاحظة».
على الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها بعض المُعلمين الرائعين في زرع الابتكار والإبداع وحب التعلم داخل فصولهم الدراسية، إلا أن الإرث الصلب للهيكل التعليمي، ذي القيود المتزايدة والقائم على الاختبار، يجعل ذلك الأمر يبدو مستحيلا.
من الصعب أن تُحب شيئا أنت مُجبر عليه، من الصعب أن تحصل على ملكية أمر ما، عندما يمتلكه شخص آخر بالفعل. هذا ما يحدث بالضبط مع الطلاب والمُعلمين، فكلاهما تم تجريده من ممتلكاته وحقوقه في هذه الأنظمة التعليمية.
إن الخسارة التعليمية التي تحدث صيفا، هي أحد أعراض النموذج الدراسي الذي يساوي بين الاختبارات والتعلم، والطلاب الذي يُزعم أنهم يختبرون النسيان الصيفي هم الرسائل التي توضح وجود هذه المشكلة، والتي يجب علينا الاستماع لها. فهي تخبرنا بصوت عالٍ ووضوح أن نظامنا التعليمي الذي تقوده الاختبارات الموحدة لا ينتج أي مُتعلمين، بل ينتج كائنات محاكية.
هؤلاء الذين استطاعوا النجاح في هذا النظام التعليمي، هم من تعلموا أن يحفظوا ويعيدوا معلومات في سلوك لم يستطع توماس أديسون وكثير غيره اتباعه أو إتقانه.
الحل ليس في مزيد من التدريس، الحل في تدريس أقل وتعليم أكثر.

تُعد فكرة «النسيان الصيفي» واحدة من أكبر الافتراضات السائدة حول التعليم، هذا الاعتقاد واسع الانتشار يزعم أن الطلاب على مدار العطلة الصيفية يقومون بنسيان ما تعلموه خلال العام الدراسي. مع الوقت تزداد الأدلة حول هذا النسيان التعليمي المزعوم.
في دراسة استقصائية قامت بها مؤسسة التعليم الصيفي الوطنية، وجدت أن المُعلمين يقضون وقتا طويلا في فصل الخريف في إعادة تدريس جزء من المناهج التي قام الطلاب بنسيانها في فترة الصيف، ويزداد الأمر سوءا مع الطلاب المحرومين الذين يعيشون في مجتمعات فقيرة.
دراسة من جامعة جون هوبكنز أجريت حول مدرسة بالتيمور العامة، وجدت أن الأطفال من الأسر قليلة الدخل يعانون من فقدان حوالي شهرين من التعليم في مهارات القراءة في فترة الإجازة الصيفية.
لكن ماذا إن قمنا بتحدي هذا المفهوم؟ ماذا لو أن الأطفال الذين يُزعم أنهم اختبروا تجربة النسيان الصيفي لم يتعلموا من قبل على الإطلاق؟
ربما نجحوا «دراسيًا» أي أنهم تمرنوا وتم اختبارهم على مهارات وكفاءات محددة قبل بداية الصيف، لكنهم فعليا لم يقوموا بتعلم شيء، وقتها يمكن القول إنه لا يوجد ما يسمى بـ«النسيان الصيفي»، ولا يوجد خسارة فيما تم تعلمه، عندما يصبح التعليم متأصلا وموجها ذاتيا.
عندما يتعلم الأطفال، مهما حدث تظل معرفتهم غير قابلة للنسيان، وقتها يصبح «النسيان الصيفي» أمرا غير قابل للحدوث مع تعليم حقيقي.
في كتابه الأكثر مبيعا لسنة 1964 «كيف يرسب الأطفال؟»، كتب المُعلم جون هولت «لا يهم ما تظهره الاختبارات، نسبة قليلة مما يُدرس في المدارس يتم تعلمه للأطفال، ونسبة قليلة مما يُتعلم يتم تذكره، ونسبة قليلة مما يُتذكر يتم استخدامه. الأشياء التي نتعلمها ونتذكرها ونستخدمها هي الأشياء التي نبحث عنها ونقابلها في حياتنا يوميا في مواقف جادة خارج إطار المدرسة».
هناك مؤسسات تعمل بنظام التعليم الموجه ذاتيا، بجانب تزايد عدد الطلاب المتعلمين منزليا، والذين يسعون إلى رسم مسارهم التعليمي بعيدا عن المدارس، يظهرون الفرق الواضح بين التدريس والتعليم. حينما يتم تدريس الأطفال (أصحاب المستويات المختلفة من النجاح الدراسي) ربما يتعلم العديد منهم الاستماع والحفظ واسترجاع المعلومات لنيل رضا المُعلم واجتياز الاختبارات.
بينما عندما يقوم الأطفال بـ«التعلم»، تصبح المعرفة التي اكتسبوها غير قابلة للنسيان، ولهذا يصبح النسيان الصيفي أمرا غير محتمل الحدوث مع وجود تعليم حقيقي.
يقول العالم توماس أديسون والذي قامت والدته بتعليمه منزليا في سن الثامنة بعد أن وصفه معلمه بأنه غير قادر على التفكير بشكل واضح: «المشكلة في نظامنا التعليمي أنه لا يمنح الفرصة لعقولنا حتى تصبح مرنة، ويحاول تشكيلها في قوالب. لا يشجع على الفكر أو المنطق الأصلي، ويزيد من الضغط لاستخدام الذاكرة بدلا من الملاحظة».
على الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها بعض المُعلمين الرائعين في زرع الابتكار والإبداع وحب التعلم داخل فصولهم الدراسية، إلا أن الإرث الصلب للهيكل التعليمي، ذي القيود المتزايدة والقائم على الاختبار، يجعل ذلك الأمر يبدو مستحيلا.
من الصعب أن تُحب شيئا أنت مُجبر عليه، من الصعب أن تحصل على ملكية أمر ما، عندما يمتلكه شخص آخر بالفعل. هذا ما يحدث بالضبط مع الطلاب والمُعلمين، فكلاهما تم تجريده من ممتلكاته وحقوقه في هذه الأنظمة التعليمية.
إن الخسارة التعليمية التي تحدث صيفا، هي أحد أعراض النموذج الدراسي الذي يساوي بين الاختبارات والتعلم، والطلاب الذي يُزعم أنهم يختبرون النسيان الصيفي هم الرسائل التي توضح وجود هذه المشكلة، والتي يجب علينا الاستماع لها. فهي تخبرنا بصوت عالٍ ووضوح أن نظامنا التعليمي الذي تقوده الاختبارات الموحدة لا ينتج أي مُتعلمين، بل ينتج كائنات محاكية.
هؤلاء الذين استطاعوا النجاح في هذا النظام التعليمي، هم من تعلموا أن يحفظوا ويعيدوا معلومات في سلوك لم يستطع توماس أديسون وكثير غيره اتباعه أو إتقانه.
الحل ليس في مزيد من التدريس، الحل في تدريس أقل وتعليم أكثر.
كيري مكدونالد
ـ صن تايمز