سعدت مناطق المملكة وكادت تكمل عقدها بزيارة سيدي خادم الحرمين الشريفين إليها منذ توليه -رعاه الله- مقاليد الحكم منطقة تلو منطقة، بدأها بمكة المكرمة وزيارة الحرم المكي الشريف، ثم المدينة المنورة والتشرف بالسلام على سيدي رسول الله، ولم ينقطع الملك -حفظه الله- يوما عن هاتين المدينتين المقدستين إدراكا منه أنهما في قلب الملك وعينه، ويتابع مشاريعهما بنفسه، ويقوم بين الحين والآخر بزيارتهما لتفقد التوسعة السعودية فيهما، جزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين.
ثم طاف الملك -أيده الله- في الشرقية ورأس الخير وأرض النماء وذات الموارد الطبيعية في مدنها وقراها، وفي الأحساء ونخيلها ومزارعها حتى رأيناه خلالها يدشن مشروعات تنموية في منظومة الرؤية السعودية 2030 بمبالغ مالية تصل إلى أكثر من 16 مليارا، متنوعة في قطاعاتها التنموية والاقتصادية والكهربائية والطرق وغيرها، ولعل مثال مشروع طريق القصيم مكة المكرمة الذي هو فكرة أمير منطقة القصيم الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، ولعل الهدف الرئيس منه هو اختصار المسافة بين مكة والقصيم إلى 700 كيلومتر بدلا من 1000 كيلومتر، وهذا مثال على اهتمام الدولة بتسهيل وسرعة وصول الحجاج والمعتمرين من الخليج والدول الأخرى والطرق وغيرها إلى مكة المكرمة خلال فترة وجيزة.
وتشهد حائل هي الأخرى حزمة من المشاريع التنموية والعطاء في مجال الإسكان والطرق والزراعة، وقد أفصح أمراء هذه المناطق عن ما يكنه مواطنو القصيم وحائل حتى رأينا وسمعنا أن كبار السن ومن هم في سن الشباب يطلقون الهاشتاق الترحيبي بوتيرة واحدة، مرحبا سلمان ومحمد في القصيم، وأهل حائل مرحبا ويا بَعْد حيّي العبارة الشهيرة في بيت الكرم الحاتمي.
هؤلاء هم أبناء سلمان لحمة وطنية ونسيج واحد هدفه تحقيق العدالة بين المناطق وإدخال السرور على المواطن أيا كان، وحديث سيدي سلمان في إحدى زياراته، قال «ليس هناك فرق بين منطقة وأخرى، ولا بين مواطن وآخر، الكل أمامي على السواء»، هنا العدالة والوقفة من الملك تجاه شعبه الذي يبادله الحب والتقدير والإخلاص من أبناء عاهدوا الله على تنفيذ بيعة الولاء والطاعة للقيادة وحماية الوطن من كل حاقد.
إن رمزية هذه الزيارات وما يتلوها في الأيام القادمة من مناطق الشمال والجوف وغيرها لهو دليل على حرص الملك سلمان على الاطمئنان على راحة وتنمية كل بلادنا دون تمييز أو إخلال بالتنمية، وهذا ما أكده أمراء المناطق التي زارها الملك وولي عهده -حفظهما الله- وما يمضي عليه أمراء المناطق في المملكة العربية السعودية، بإذن الله.
إن في هذه الزيارة عدة مكرمات، أهمها إدخال الفرح والسرور على مواطني هذه المناطق برؤية مليكهم وولي عهده في صورة تجمع الحب والعطف والتلاحم العفوي الذي يَنْدُر في عالم اليوم ممن حولنا من الدول، كما أن هناك لفتة أبوية حانية وجه بها خادم الحرمين الشريفين، وهي إعلانه إطلاق السجناء والمعسرين في سجون القصيم وحائل، والبقية في الطريق ممن تنطبق عليهم شروط الإفراج إذا كانت المديونيات أقل من مليون ريال، ومصدقة شرعا، لقد جعل هذا التوجيه البسمة تعود على أسُر هؤلاء المسجونين، ليعودوا إلى أسُرهم وتكتمل الفرحة بين أبنائهم، جزاه الله خيرا، وأعظم له الأجر نظير ما قدمه لوطنه وأمته، ومزيدا من النماء والعطاء في رحلات الخير التي نعيشها هذه الأيام.