فيما تغيب إحصاءات بعض الأمراض من الكتاب الإحصائي لوزارة الصحة، منها اضطراب التوحد، أكدت الوزارة لـ«الوطن» أن البيانات الخاصة ببعض الحالات والأمراض المحددة يمكن توفيرها للمهتمين والباحثين عند الطلب فقط، وذلك بالرجوع إلى السجلات في المرافق الصحية أو سجلات الإدارات المختصة أو الجمعيات المتخصصة.
معلومات تقديرية عن اضطراب التوحد بالمملكة
150 - 300
ألف عدد المصابين
400 ألف ريال التكلفة في المراكز الخاصة
100 ألف ريال التكلفة في المراكز الحكومية
800 ريال الإعانة الشهرية للطفل الواحد
قالت وزارة الصحة لـ«الوطن»، ردا على استفسار حول عدم توفر بعض الإحصاءات لبعض الاضطرابات المرضية مثل «التوحد» في تقاريرها السنوية، إن الكتاب الإحصائي السنوي يبرز أهم الأمراض ويركز على الأكثر شيوعا منها في أوساط المجتمع، وأيضا أكثر الأمراض تأثيرا على الموارد المتاحة، مثل أمراض السكري وأمراض القلب والجهاز الدوري والأمراض المعدية خاصة الوبائية وغيرها.
وأضافت الوزارة: «أما البيانات الخاصة بحالات محددة، مثل التوحد، فيمكن توفيرها للمهتمين والباحثين عند الطلب بالرجوع للسجلات بالمرافق الصحية أو سجلات الإدارات المختصة أو الجمعيات المتخصصة».
غياب إحصاء التوحد معضلة
اتفق كثير من الباحثين في قضية اضطراب التوحد في المملكة أن غياب الإحصائيات بالمرض خصوصا من التقارير التي تصدرها وزارة الصحة يعتبر معضلة حقيقية، فلا يعرف كم عدد المرضى أو عدد مراكز العلاج التابعة للوزارة التي تقوم بعلاج الحالات.
يتراوح عدد المصابين وفقا للتقديرات بين 150 ألفا و300 ألف حالة، في حين يشير بعض المختصين إلى أن متوسط تكاليف العلاج في المراكز الحكومية تصل إلى أكثر من 100 ألف ريال، وتتضاعف في المراكز الخاصة لتصل في بعض الأحيان إلى 400 ألف ريال، في حين أن الإعانة الشهرية للطفل الواحد تبلغ 800 ريال فقط تصرفها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
250 ألف ريال التكلفة في الخارج
قالت الملحقية الثقافية السعودية بدولة الإمارات العربية المتحدة إن عدد الملتحقين من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمراكز المتخصصة بلغ (242) تشمل كافة أنواع الإعاقات، وأن تكلفة الفرد الواحد تتراوح بين 60 و 250 ألف ريال سنويا وتختلف التكلفة باختلاف المركز.
مشكلتا المواعيد وقوانين الدمج
تقول أم عبد الإله وهو طفل توحدي، إن المراكز المتخصصة في علاج اضطراب التوحد تفتقر إلى المتخصصين في هذا المجال، وفي حال وجد فإنهم لا يمتلكون الخبرة الكافية، مبينة أن الوقت الذي يقضيه المصابون بالاضطراب في المراكز قليل جدا ولا يتجاوز 3 ساعات.
وأضافت: انتهينا من موضوع التكاليف الباهظة بعد تكفل الدولة بها حتى سن الثانية عشرة، وبعدها يتم تقييم الطفل لدمجه في المدارس إذا تجاوزت نسبة الذكاء لديه 50%، مشيرة إلى عديد من العقبات منها المواعيد الطويلة للتشخيص والتقييم الحكومي وعدم دقة المقاييس المستخدمة للاختبارات، إضافة إلى أنهم يجرون الاختبارات في يوم واحد، بينما الصحيح هو أن تتراوح مدة الاختبارات بين 3 أسابيع إلى شهر كامل.
وأبدت أم عبد الإله استياءها من مدارس الدمج إذ أوضحت أن الطلاب المصابين باضطراب التوحد يتم تجميعهم مع أقرانهم من نفس الفئة ولا يتم دمجهم مع الأسوياء، مؤكدة على عدم وجود منهج دراسي لهم وإنما هي اجتهادات شخصية.
التشخيص الخاطئ
أوضحت «أم عمر» وهي أم لأحد الأطفال المصابين بالتوحد، أن معاناتهم تكمن في التشخيص الخاطئ للحالة، إضافة للوقت الذي يستغرقه الطفل داخل المركز، فمن المتعارف عليه عالميا أن الطفل يجب أن يقضي 8 ساعات في المراكز المتخصصة ليتمكن من الاستفادة من كافة المهارات والجلسات، في حين أن المراكز المتخصصة في السعودية وقتها لا يتجاوز أربع ساعات.
وأضافت أن تكلفة المراكز خارج المملكة مبالغ فيها، فعلى سبيل المثال هناك أحد المراكز في الأردن يقدم العلاج مقابل 14 ألف ريال شهريا، وقد تصل إلى 16 ألف مع إضافة بعض المصروفات. وتابعت: «كانت تجربة ذهاب طفلي لأحد المراكز في الأردن تجربة سيئة».
أكبر المشكلات
أكد الدكتور عبدالهادي أن تشخـيص التوحـد هو أبرز المشكلات التي تواجه الباحثين والعاملين في هذا المجال. فخصائص هذا الاضطراب غالبا مـا تتشـابـه وتتداخـل مـع اضطرابات أخرى. وللتغلب على تلك المشكلات لا بد أن يتم تدريب العاملين في هذا المجال وأن يتضمن تدريبهم معلومات كافية عن طبيعة هذا الاضطراب، بالإضافة إلى إنشاء مراكز بحثية متخصصة في تشخيصه وعلاجه.
ونوه إلى أن المدارس العامة في السعودية ما زالت غير قادرة على استقبال الأطفال المصابين بالتوحد، وذلك نظرا إلى نقص البرامج التربوية والخبرات المؤهلة والمدربة، إذ يتم توجيه الأطفال إلى مراكز الرعاية دون الاهتمام بمستوى قدراتهم العقلية أو احتياجاتهم الخاصة، كما أن الطلبة المصابين باضطراب التوحد من أصحاب القدرات المعرفية العالية يبقون بلا تشخيص غالبا، بسبب عدم قدرة المعلمين على تمييز أعراض التوحد عند رؤيتها. وكذلك فإن التشخيص الخاطئ من قبل الجهات غير المتخصصة قد يأتي بأطفال غير توحديين لمراكز التوحد، حيث تم اكتشاف العديد من الحالات لأطفال غير توحديين مصنفة على أساس أنها حالات توحد.
أكثر الاضطرابات صعوبة
ذكر الأستاذ المشارك بقسم التربية الخاصة بجامعة جدة الدكتور عبدالهادي حيمور أن اضطراب التوحد يعد من أكثر الاضطرابات النمائية صعوبة بالنسبة للطفل نفسه، ولوالديه، ولأفراد الأسرة الذين يعيشون معه، ويعود ذلك إلى أن هذا الاضطراب يتميز بالغموض وبغرابة أنماط السلوك المصاحبة له، وبتداخل بعض مظاهره السلوكية مع بعض أعراض إعاقات واضطرابات أخرى.
وأضاف: يعرف التوحد بأنه إعاقة تطورية تؤثر بشكل ملحوظ على التواصل اللفظي وغير اللفظي، والتفاعل الاجتماعي، وتظهر الأعراض الدالة عليه بشكل ملحوظ قبل السنة الثالثة من العمر، وتؤثر سلبا على أداء الطفل التربوي، وتؤدي بالطفل إلى الانشغال بالحركات النمطية والتكرارية، ومقاومة التعبير البيئي أو الروتين اليومي وكذلك الاستجابات غير الاعتيادية للخبرات الحسية.
نقص المراكز العلاجية المؤهلة
أرجعت المحاضرة في جامعة الملك عبدالعزيز قسم التربية الخاصة لبنى الشرفي مشكلة صعوبة علاج التوحد في المملكة إلى نقص المراكز العلاجية المتخصصة والمؤهلة وذات الخبرة الجيدة في تشخيص وتقييم الحالات. وأضافت: بالنظر إلى توفر هذه المراكز في المملكة فإنها محدودة جدا ولا توجد إلا في المدن الرئيسة مما يؤدي إلى لائحة انتظار طويلة.
وبينت الشرفي أن بعض المراكز الحكومية للتوحد والتربية الفكرية وضعت بعض شروط القبول لديها، ومنها أن يكون الطفل معتمدا على نفسه في دخول دورة المياه، وهذا الشرط قد يقف عائقا أمام بعض الحالات، وكذلك شرط أن يكون الطفل قابلا للتعلم فيتم قبول الحالات البسيطة والمتوسطة ويتم رفض الحالات الشديدة رفضا تاما.
المستشارون الوهميون
بينت لبنى الشرفي أنه لوحظ في الآونة الأخيرة ظهور بعض الأشخاص الوهميين الذين يدعون خبرتهم في مجال أطفال التوحد، ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي أصبح هؤلاء يقدمون معلومات خاطئة ويستغلون الأسر بشكل واضح.
وأضافت للأسف كل هذا بسبب أسعار المراكز الخاصة المرتفعة جدا، وذلك بالنسبة للخدمات التي تقدم للأطفال فهي محدودة جدا، والفترة التي يقضيها الطفل في المركز قصيرة، بالإضافة إلى عدم سهولة توفير كادر متخصص ومدرب تدريبا عاليا، حيث تحتاج المراكز إلى أخصائي نطق وتخاطب، وأخصائي تعديل سلوك، ومشرف تربوي يشرف على البرامج التربوية التي تطبقها المعلمات، بجانب توفير معلمات تربية خاصة مؤهلات. والأهم من ذلك كله الحاجة لمبنى مجهز بمواصفات معينة تتناسب مع الحالات، وكذلك الوسائل التعليمية التي تحتاج إلى تغيير مستمر لتتناسب مع أهداف الأطفال وقدراتهم.
معوقات علاج أطفال التوحد في المملكة
ارتفاع أسعار المراكز الخاصة
الفترة التي يقضيها الطفل في المركز قصيرة
الحاجة إلى أخصائي نطق وتخاطب وأخصائي تعديل سلوك
ندرة معلمات التربية الخاصة المؤهلات
الخدمات التي تقدم للأطفال محدودة جدا
عدم سهولة توفير كادر متخصص ومدرب تدريبا عاليا
الحاجة لوسائل تعليمية متغيرة باستمرار لتتناسب مع أهداف الأطفال وقدراتهم
ندرة المباني المجهزة بمواصفات معينة تتناسب مع كل الحالات
عوامل تؤثر على مدى تقدم حالة الطفل التوحدي
درجة الذكاء
الخبرات التي يتعرض لها الطفل في برامج التدخل
تطور اللغة
مساندة الوالدين
مساندة المجتمع
الأسباب المرتبطة بالتوحد
01 عوامل جينية ووراثية
02 عوامل بيئية
03 تلف في وظائف معينة في المخ