في عصر التحول الرقمي أصبحت الشركات الآن ليست بحاجة لأن تكون بالضرورة شركة رقمية لتستفيد من الإمكانات الكاملة للتكنولوجيا، بقدر ما يحتاج إلى ما هو أكثر من البيانات والبرمجيات، فهو يتطلب من الشركات ألا تقوم بوضع طموحاتها وإستراتيجياتها الرقمية فحسب، بل يجب عليها أيضا تطوير النموذج والثقافة التشغيلية وأنظمة تكنولوجيا المعلومات الصحيحة، أي ما نطلق عليه اسم «الخطة الداخلية».
وفي حين أن جهود الشركة لتعزيز كفاءتها الرقمية تبدو واسعة النطاق، إلا أنها تميل إلى أن تكون ذات نفس طويل بطبيعتها وقصيرة النتائج. وتركز الشركات على ما نسميه «الخطة الخارجية» للإستراتيجية الرقمية والمتمحورة حول مكان النشاط وأي المنتجات ينبغي توفيرها وكيفية تطبيق التكنولوجيا الرقمية. وفي حين تعتبر «الخطة الخارجية» حاسمة ومهمة، فإن هذه المبادرات تبوء بالفشل عموما في حال كانت الشركة تفتقر إلى ثقافة الابتكار.
وفي هذا العصر تستثمر الشركات المزدهرة وبشكل كبير في «خططها الداخلية» لدعم «خططها الخارجية». وبدلا من تعاملها مع الكفاءة الرقمية كهدف نهائي يمكنها تحقيقه ببساطة من خلال تحديث موقعها الإلكتروني، تركز هذه الشركات على بناء مؤسسة أكثر استجابة ومرونة يمكنها التجاوب بسرعة مع تحولات السوق، حيث تعمد إلى جعل ثقافتها أكثر تكيفا وابتكارا، وتقوم بتبني الأنظمة التكنولوجية.
ونجحت شركات التكنولوجيا الرائدة مثل «جوجل» و«أمازون» و«فيسبوك» و«أبل» في الموازنة ما بين «خططها الخارجية» و«خططها الداخلية»، حيث عملت هذه الشركات على خلق ثقافة الابتكار التي تؤدي بدورها إلى تحقيق نتائج مالية قوية، مع نمو في العائدات السنوية والذي يتجاوز متوسط خمس سنوات للشركات المدرجة في مؤشر ناسداك المركب.
ويبدو ذلك صعبا بما يكفي بالنسبة للشركات ذات الثقافة التي تتقبل المخاطر، وتستند في عملها على عقلية الشركات التقليدية. ولكن كما يتضح من مسيرة الشركات الرائدة فإن الشركات لا تحتاج بالضرورة لأن تكون شركات رقمية لبناء «خطة داخلية» قوية.
وتتمثل الخطوة الأولى في إدراك أهمية «الخطة الداخلية» و«الخطة الخارجية» لإحداث التغيير المطلوب. كما أن امتلاك رؤية واضحة لاتجاه الشركة سيساعد في إعطاء الأولوية للمبادرات الرقمية الأكثر تأثيرا، وتركيز الموارد الشحيحة للشركة على عمليات التغيير المهمة بالفعل. ومن شأن خلق نموذج وثقافة تشغيلية مرنة أن يساعد الشركة أيضا على التعلم من العملاء وتبني التغيير والتكيف بسرعة مع التحولات في السوق وتطبيق التقنيات الحديثة.
وتبنى معظم قادة الشركات منذ أمد طويل فكرة مفادها أنه إذا لم تجد طرقا لإحداث تغيير مزعزع في صناعتك، فإن الآخرين سيقومون بذلك. ولكن، حتى بالنسبة للشركات التي ترغب في المخاطرة وإحداث تغيير مزعزع، فإن التغيير الشامل يمكن أن يشكل تحديا كبيرا. ومع ذلك فإن النتائج تستحق ذلك، فمثلا تستحوذ المبيعات عبر أجهزة الهاتف المحمول على أكثر من 60 في المئة من حجم المبيعات، مما يتيح للشركة تضييق الفجوة مع أكبر منافسيها.
إذاً، ما الخطوة التالية بالنسبة للشركات؟ حسنا، ربما تبني طرق وأساليب جديدة لإسعاد العملاء تتمثل في استخدام تقنية «روبوتات الدردشة»، وإيصال الطلبيات عبر الطائرات المسيرة.
 
 د. حسام جميلي، إليزابيث سبولدنغ

* يقود قسم العمليات الرقمية لدى «بين آند كومباني» في الشرق الأوسط
* تشارك بقيادة قسم العمليات الرقمية العالمية لدى «بين أند كومباني»