يمكن تكثيف قيم الشراكة والتلاحم ، من أجل مستقبل الوطن، وخلالها يمكن لجميع الوزارات والمؤسسات أن تقوم بحملات نشر الوعي

لا يحمل العنوان طلبا حرفيا بفعل محتواه، إنما مجازا. أصبحت المدرسة عنصرا منعزلا عن المجتمع، بل الأسوأ من انعزالها أنها اكتسبت مفهوم حصر التعلم بين أسوارها. المدرسة قلب المجتمع ومركز الحيّ، إن لم تحقق المدرسة أثرا إيجابيا في مجتمعها، فهي كالجماد الأخرس محبوسة بين أسوارها.
المدرسة مركز للحي، وتفاعل المجتمع مع الحي شراكة حقيقية بين البيت والمدرسة. المبنى المدرسي يعمل اليوم أقل من 15% من وقته خلال العام، فكل ما في المدرسة من أدوات وساحات وفصول وملاعب وأصول ثابتة، يتم استغلالها بنسبة 15% فقط.
وزارة الشؤون البلدية والقروية قامت بتقسيم جميع المناطق السكانية في المملكة إلى مدن، ومحافظات، وقرى، وهجر، وأحياء سكانية، وفي كل حي سكنيّ تقريبا توجد مدرسة ومسجد وحديقة.
فالسؤال: كيف يمكن استثمار مدارس الحي في تنمية مجتمعها؟ كيف نرفع من مستوى الوطنية والانتماء خلال ربط المدرسة بالمجتمع؟ هل يمكن أن تكون المدرسة نواة لتنمية الحي اجتماعيا وترفيهيا وثقافيا؟ هل يمكن للمدرسة أن تتبنى قيم المجتمع وتنشرها؟
هنا، أطرح مجموعة من المقترحات التي يمكن استثمار المدرسة ومواردها لتكوّن نسيجا مجتمعيا مترابطا.
أولا: إتاحة الفرصة لرواد الأعمال الشباب والشركات الصغيرة والمتوسطة، من إدارة وتشغيل المساحات المدرسية من ملاعب، وفصول، ومكتبة، وغيرها.
يمكن تأجير الملعب لعقد المباريات، ويمكن تأجير الفصول لمراكز التدريب أو التعليم المسائي أو غيرها. يمكن فتح باب المدرسة مجانا لتنظيم بعض المناسبات المسائية لسكان الحيّ، ويمكن تحفيز الأهالي للمشاركة بأدوات تعليمية لدعم المدرسة بالكتب المدرسية، والأجهزة الكهربائية، أو غيرها.
ثانيا: فتح باب الشراكة مع مراكز الأحياء لاستخدام مرافق المدرسة، وإقامة الفعاليات في فناء المدرسة، ودعوة أفراد المجتمع للمشاركة مع المدرسة.
بعض مدارسنا لديها ساحات كبيرة، يمكن إقامة حفل زفاف في قاعاتها، أو يمكن إقامة بازار صغير، أو يمكن تنظيم حفل اليوم الوطني، أو تنظيم عروض مسرحية، أو غيرها من المناسبات.
ثالثا: استغلال حصص النشاط الطلابي في تنظيم أنشطة تنمو بالمجتمع من تنظيف الساحات، وزراعة الحدائق، ودهن جدران المدرسة، وغيرها من الأنشطة التي تعزز الانتماء للحي والمدرسة.
لنعلّم طلابنا أن أثرهم الحقيقي ليس الحصول على 100% في اختبار نهاية العام، بل أثره الحقيقي في مجتمعه ووطنه.
رابعا: المشاركة المعرفية، يوجد من بين الأسر من هم أصحاب خبرة في مجال الطب، الهندسة، الفنون، الإدارة، الكتابة، أو يعمل في الدولة ولديه الخبرة في أنظمتها وسياساتها. يدرس طلابنا المواد العلمية مع ضعف في مفاهيم انعكاس المنهج على الممارسة.
لماذا لا يزور الأب المهندس المدرسة ليشرح لابنه وزملائه فيم تستخدم؟ والأم لتشرح عن عملها في الإدارة؟ والأخ الكبير يشرح لطلاب الثانوية عن تجربته في التقديم على جامعات دولية؟ وغير ذلك.
اهدموا أسوار المدارس، لفظ مجازي لفتح المدرسة على المجتمع، وتحفيز الشراكة المجتمعية لجعل المدرسة نواة الحيّ.
فخلال المدرسة، يمكن تكثيف قيم الشراكة والتلاحم والتعاون والوطنية من أجل مستقبل الوطن، وخلالها يمكن لجميع الوزارات والمؤسسات أن تقوم بحملات نشر الوعي وتنمية القدرات، فلتكن المدرسة نواة للتغيير.