في كل عام يمر علينا يوم، من الإجحاف مروره مرور الكرام، ألا وهو اليوم العالمي للكتاب، والذي صادف الـ23 من أبريل المنصرم، هذه المناسبة الثقافة العالمية تؤكد على أهمية الكتاب في ثقافة الشعوب ومدى تأثيرها في تقدم الأمم. الكثير يقرأ وقلة من يعون. عندما يقع الكتاب بين أيدينا يجب علينا وضع خطوط عريضة وتفصيلية لمدى فائدتنا المرجوة منه، كما لا نغفل وجود فلاتر على المعلومات المطروحة، فليس كل ما يطرح في أي كتاب كان يقبل ويسلم به إسلام المسلمات. من المهم القراءة الواعية التي تعطي رؤية واضحة لما يطرح من أفكار وآراء قابلة بشكل أو بآخر للنقد.
وجود اليوم العالمي الذي طرحته اليونيسكو قبل 15 عاماً دليل احترام منظمة الأمم المتحدة لحقوق الكاتب والمؤلف، والجميل في الفكرة أنه في كل عام يتم اختيار دولة راعية لهذا اليوم، ووقع الاختيار على مدينة أثينا لعام 2018 نظرا لجودة أنشطتها، التي تدعمها صناعة الكتب. والغاية هي إتاحة الكتب أمام جميع سكان المدينة، بمن فيهم المهاجرين واللاجئين.
هناك ما هو أبعد من القراءة الصورية وهي القراءة ما بين السطور والوصول لهذه المرحلة تتطلب وعياً ثقافياً لما يدور في الساحة الفكرية والدينية والثقافية والسياسية، وتتطلب المزيد من الانكباب والانغماس بين الكتاب لسنوات طوال لتعي معنى الكلمة ومداها المعلوماتي، شراء الكتاب ليس بالشيء الصعب، الصعوبة تكمن في فتحه وهي الخطوة الأولى للرحلة الثقافية للقراءة، وهناك خطوط عريضة لكل كتاب يبدأ بوضع الهدف من قراءته، ثم التصفح من العنوان إلى الفهرس والعناوين الرئيسية، بعدها نبدأ معرفة ما هي الغاية من قراءة هذا الكتاب، ولعل من أجمل القراءات هي تلك التي تثير عقولنا وتضع علامات استفهام عامة حول ما يطرح وماذا يريد هذا الكاتب أو تلك الكاتبة.
تمثل القراءة واحدة من أهمّ التمارين الدماغية التي تزيد من وعي واستقلال الشخص برأيه. كم هو جميل أن يكون لذلك الإنسان رأيه، يعتز به ويحترم عقله، والأجمل أن تتبلور هذه القراءة إلى كتاب يكتب اسم صاحبه أسفل الكتاب. وكما يقال القراءة لمدة ثلاثين دقيقة يوميًا ستجعلك تُنهي ثلاثة كتب متوسطة الحجم خلال شهرٍ واحد.
ولا نغفل دور حكومتنا الرشيدة في نشر ثقافة الوعي والتي على رأسها معرض الكتاب الدولي في الرياض، الذي يتربع على عرش المعارض في العالم العربي والإسلامي، وأحد المراكز المتقدمة على مستوى العالم من الناحية السوقية أولاً والثقافية ثانيا، ويتبادر إلى ذهني فكرة الأيام الثقافية لمدن المملكة، بمعنى جعل كل مدينة سنوياً مدينةً للثقافة السعودية، حتى نعزز هذا الجانب العلمي والثقافي، فمفهوم الدولة والوطن لا بد أن يكون حاضرا في أماكن الوعي، وحري بنا نحن السعوديين استثمار هذه الفعالية على أكمل وجه من خلال تسويق الإعلام لها بشكل أكبر. قبل أيام افتتح في الأحساء مجمع الراشد تاون معرض الكتاب المصغر الثاني وهو بحق إنجاز يسجل للأحساء، ولأسرة الراشد التي استطاعت ضخ وقود الكتب للمجتمع وتهيئة الزمان والمكان، كما يقدم مجموعة من ورش العمل المتخصصة يقدمها مجموعة من المحاضرين في المجال الأدبي والثقافي.
«إذا كنت تقرأ فقط الكتب التي يقرأها الجميع؛ فستفكر فقط كما يفكّر الجميع»، هذه المقولة الرائعة تختصر عليك الآلاف من الكتب، وهي دعوة للانفتاح على الآخر، مع من تختلف معهم فكرياً وثقافياً.