قبل اكتساب عضويتها في منظمة التجارة العالمية عام 2001 لم تكن الصين تتمتع بحرية التجارة أو اقتصاد السوق، حيث كانت الحكومة تسيطر على معظم الأنشطة التجارية وتتحكم في كافة القطاعات المصرفية، وتمنع استخدام المبتكرات الائتمانية وتفرض المديرين على المؤسسات والشركات وتتدخل في تحديد الأسعار.
وسط استغراب خبراء التجارة الدولية، بادرت الصين فور دخولها ميدان العولمة إلى تعديل سياساتها الاقتصادية باعتماد نظام اقتصادي منفتح لجذب المستثمرين، فحصل القطاع الخاص على نصيب الأسد من هذه الاستثمارات، وأصبح يسيطر على 70% من الاقتصاد الصيني، و60% من نمو الناتج المحلي الإجمالي و66% من الوظائف الجديدة المستحدثة.
وقامت الصين بإعادة هيكلة قطاعها الصناعي وتخصيص منشآتها الحكومية، فاستغنت عن 50 مليون موظف، وأخذت على عاتقها توفير السكن بأسعار متدنية لكافة عُمالها وموظفيها، ومنحتهم فرصة الاستثمار في مؤسساتها التجارية، مما أدى إلى تعزيز مستوى الطبقة الوسطى في المجتمع الصيني، وارتفاع متوسط دخل الفرد خلال 10 سنوات من 500 إلى 3000 دولار. خلال العقد الماضي حقق الاقتصاد الصيني نتائج باهرة، خاصة في معدلات النمو الحقيقي والصادرات وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لتتمتع الصين بأسرع نمو اقتصادي في العالم تجاوز 9% سنويا، وغدت تمتلك ثاني أكبر احتياطي نقدي بالدولار الأميركي، بحيث وصل في العام الحالي إلى أكثر من 2,5 تريليون دولار أميركي. كما ارتفع فائض الميزان التجاري الصيني من 13% في عام 2001 إلى 72% من ناتجها المحلى الإجمالي بنهاية عام 2017، وارتقت الصين إلى المركز الأول عالمياً في الصادرات، وأصبحت أكبر منتج للفحم والحديد والأسمنت، وثاني أكبر مستهلك للطاقة، وثالث أكبر مستورد للنفط، إلى جانب امتلاكها رابع أكبر ميزانية عسكرية في العالم. ولمواكبة هذا النمو المميز، تفتخر الصين بأن لديها اليوم نصف مليون خبير صيني يعملون في مشاريع تنفذها أكثر من 390 ألف شركة صينية في 170 دولة حول العالم، إضافة إلى جذب 35% من الاستثمارات الأجنبية في العالم من خلال استثمار 400 شركة عالمية في أسواقها، تصنف من ضمن أكبر 500 شركة في العالم.
وبهذا واصلت صادرات الصين إلى الأسواق الأميركية ارتفاعها لتحقق نسبة 32% من احتياجات أميركا، مما أسهم في زيادة العجز التجاري الأميركي مع الصين بنسبة 800%، الذي ارتفع إلى 600 مليار دولار في عام 2017، علما بأن الصين التزمت بفتح أسواقها أمام صادرات الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، وقامت بتخفيض الرسوم الجمركية على وارداتها من 221% إلى 17%.  هذه النجاحات التي أثارت حفيظة أميركا جاءت نتيجة الحكمة الصينية التي تقول: «ليس المهم أن يكون لون القط أسود أو أبيض، المهم أن يلتهم الفئران».