في رأيي أكثر ما يؤلم النساء في التحرش أنه كيف تجرأ المتحرش على أن يتحرش بها بالذات، ما الذي رَآه فيها ليحتقرها بهذا الفعل ويظن أنها قد تستجيب لدعوة من رجل غريب بفعل قبيح ومحرم.
من هنا يأت شعور المعاناة واللوم للذات في معركة النساء نحو إثبات قدراتهن وعقولهن وتميزهن، وهو شيء قد لا يدركه الكثير من الرجال، ولا أعني المتحرش المريض بداء التحرش والذي مكانه الطبيعي السجن، بل أقصد معظم الرجال الذين تجدهم محترمين ومثقفين ثم فجأة تسمع بوقوعهم في جريمة التحرش.
هؤلاء يختلط عليهم الأمر كثيرا عند تعاملهم مع النساء، خاصة عندما يظنون أن جملة تتعلق بجسدها أو جمالها مجرد مداعبة، بينما تكون هذه الجملة قد نقلتها من عقل مثقف وواع إلى مجرد جسد يغوي لا يتميز كثيرا عن اللحوم التي تشترى وتباع.
أقرب مثال عليهم هو مورغان فريمان أيضا الذي لم يدرك وهو يخاطب تحت الكاميرا نساء مثقفات ومذيعات وصحفيات عن أجسادهن، فيستقبلن حديثه بابتسامة مجاملة لا تطول، حيث بدأن بالشكوى فقلن لقناة السي إن إن في تحقيقها عن تحرشات مورغان إنهن يتعجبن من أن يصدر من رجل في سنه ومقامه مثل ذلك.
أهين وهوجم فريمان في التقرير بعبارات تذكره بسنه ومقامه، فنشر بيانا يعترف فيه بأنه لم يدرك وقع كلماته، وظن أنه بكلماته يبهجهن ويدخل الفرح والسرور عليهن.
في الحقيقة أن معظم الرجال يعتقدون ذلك، لكن الحقيقة ألا شيء يبهج المرأة السوية سوى أن تغض بصرك عنها وتركز على التعامل معها كعقل.
هذه الحقيقة صعب جدا أن يفهمها الرجال مهما بذلت النساء من جهد، لذا وضعت القوانين الخاصة بالتحرش والتي تعيد الرجال إلى صوابهم مع كل حالة يقبض فيها على رجل انفلت شعوره عند وقوفه في حرم الجمال، ولم يسمع وصية نزار قباني بالتزام الصمت.