قبل فترة، خرج علينا معالي الشيخ عبداللطيف آل الشيخ، يبث همومه مما عاناه في وقت ما، من تآمر ودسائس بعض أعضاء جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضده، إلى درجة التجسس ومحاولة الغدر به.
وكان اللقاء صادما بشدة، ولكنه لم يكن مستغربا بعد ما تداوله المجتمع من مظاهر الفرح التي عمت بعض أفراد ذلك الجهاز، حين تم تكليف غير فضيلته برئاسته، وهو فرح كان مستنكرا من غالب فئات المجتمع، نظرا لما عُرف عن فضيلته من وسطية واعتدال.
الآن، وقد نال فضيلته الثقة الملكية الغالية، وتم تعيينه وزيرا للشؤون الإسلامية، فإن المسؤولية عليه عظيمة، والحِمل ثقيل جدا، وإن كان هو أهلٌ لها، لما تميز به فضيلته من جرأة تبدت في مواجهته الأعضاء الفاسدين من جهاز الهيئة، مما دعاهم إلى محاولة الإضرار به، وهو أهل لها لما تميز به فضيلته من شجاعة جعلته لا يخشى في الحق لومة لائم، فيخرج بكل ثقة ليبث همومه وما عاناه من ذلك الجهاز في وقت ما.
لا شك أن العمل الدعوي، والاضطلاع بالشؤون الدينية، لهما أهمية عظيمة في بلادنا، ولهما مكانة تختلف عن أي عمل في نفوس مواطني هذا الوطن.
وهذه الوزارة الآن هي في أَمسّ الحاجة إلى رجل مثل معاليه، بكل ما يمثله من وسطية واعتدال، وما تحمل نفسه من همة عظيمة، وما تجيش به من عواطف جياشة نحو الدين والوطن.
نحتاج في هذه الفترة الحرجة إلى رجل مثل معاليه في شجاعة الطرح والمواجهة، وجرأة العمل وحزمه، لتتم عملية زحزحة الفكر المتشدد والمتنطع، والذي يميل إلى الحزبية على حساب مصلحة الوطن، من كل المرافق ذات الصلة بالشؤون الدعوية والإسلامية.
في هذه الفترة الحرجة، يجب أن يكون الخطاب الديني منفتحا على جميع الأطياف، مستوعبا جميع التغييرات التي يفرضها الوقت، ليحقق تلك المقولة العظيمة التي ما نفتأ نرددها، أن «الإسلام صالح لكل زمان ومكان».
نحتاج أن يخرج الخطاب الديني والممارسة الدينية من ضيق المحلية إلى أفق العالمية، حاملا معه روح الإسلام السمح، المتقبل للآخر بكل احترام وتفهم.
لهذا، فإن هذه الثقة الملكية في هذا الرجل، هي الخيار الأفضل، وهي المراهنة الكاسبة، لما يحمله من الفكر الوسطي المنفتح، والحريص على وجه الدين الناصع الخالي من أي تحزبات أو تمذهبات قد تشين وتسيء إلى وسطية الدين ووسطية الدولة، وكل منجزات وطننا العظيم لخدمة الدين والمواطن.
نسأل الله أن يعينه على هذه المسؤولية الخطرة، هو أهلٌ لها بإذن الله.