تحاول الحكومات العالمية رفع إنتاجية الموظف، والحرص على الاستفادة منه بشكل كامل، ودفع عجلة أدائه وفي حين توصم الدوائر الحكومية بكل أنحاء العالم بالبطء والبيروقراطية، إلا أنها تختلف اختلافاً جذريا من بلد لآخر، فالموظف الياباني يوصف الآن بأنه الأكثر إنتاجية والأعلى دخلاً مقارنة ببلدان عدة، ومن المفارقات العجيبة أن الشعب الياباني كان يوصف بالكسل وعدم الاكتراث في كثير من المدونات الأوروبية في القرنين الثامن والتاسع عشر، ومن أهمها ما قاله سيدني غوليك وهو مبشّر أميركي عاش في اليابان بين 1888-1913 حين وصف المواطن الياباني بالكسل وعدم الاكتراث بالوقت، والحقيقة الغائبة أن التحول الكبير في إنتاجية الموظف الياباني كانت نتيجة الصرامة الإدارية بالعمل الإداري وتحسين بيئة العمل وتحفيز الإبداع والابتكار بمجموعة أنظمة وقوانين حولت اليابان إلى قوة اقتصادية عالمية.
محلياً، اشتهر الموظف السعودي بإنتاجيته العالية «حينما» تتوفر له المقومات والدعم، ونتذكر تلك الكلمات الشهيرة من نائب مدير شركة جي جي سي جالف اليابانية، التي تعمل في المملكة، السيد (كادو ريوئيتشي) خلال ورشة عمل عقدت في طوكيو في فبراير 2015: «لم أجد أي فرق في الجدية والانضباطية بين الموظف السعودي والياباني، بل كنت أحياناً أشعر بالخجل وأنا أرى الشباب السعوديين يتفانون ويبدعون في العمل أكثر من زملائهم من اليابان وبقية الجنسيات».
وهنا يكمن السؤال الرئيسي كيف تكون إنتاجية الموظف الياباني والغربي عالية وتدور الشكوك حول إنتاجية ابن الوطن الذي حرم من أبسط حقوقه وهي:
1-التدريب والتطوير وهو العامل الأهم لكسب رضاء الموظف وتحسين أدائه.
2 - وضع جوائز ومكافآت محفزة لتطوير الأداء الوظيفي، فليس من المعقول مساواة الكفؤ النشيط بالموظف الخامل.
3 - فتح الآفاق بالعمل والاستثمار، فمن المضحك جداً أن يبحث الموظف الحكومي عن اسم وهمي لفتح شركة وسجل تجاري لضيق أفق الأنظمة التي لم تتغير منذ عقود، وليس من العيب عمل الموظف بالليل في مجال آخر، بل هو دليل على نشاطه وعطائه وكأني اسمع حال بعض الموظفين ينشدون «أعطني حريتي وأطلق يدي».
 4 - التقييم «بالإنتاجية» وليس بالمزاجية والمحسوبية ووضع معايير واضحة لحوكمة وقياس الأداء، وهي الطريقة الأهم لمنع التسرب الوظيفي وتحسين الإنتاجية.
من المحزن محاولة حصار الموظف الحكومي بسياج من الشكوك، وانعدام التحفيز وعدم المساواة، ومن ثم نتهمه بعدم الإنتاجية، كما ذكر المسؤول السابق أن إنتاجية الموظف السعودي لا تتجاوز الساعة يومياً، والرد الوحيد على المسؤول
قد أتى من الكبير غازي القصيبي، وقال القصيبي وقتها: «إلى الجماعة التي تقول إن الشباب السعودي لا يعتمد عليه وإنه يغير الوظائف، والجماعة التي تقول إن الشباب السعودي يغيب، هذه الجماعة أسألها: هل هي من السويد أو من النرويج؟ أجزم شخصياً أن تلك الجماعة من قلب الجزيرة ولَم يقطع «سرها» بباريس أو بلاد «الفايكنج»، ولكنهم تأثروا بثقافة العمالة الرخيصة والكسب السريع، ولَم يستطيعوا تطوير منشآتهم، حكومية كانت أو خاصة، ببساطة لأن «فاقد الشيء لا يعطيه».