تلجأ الصحوة دائماً إلى تأويل النصوص لإقناع أتباعها بصحة رأيهم وتفسيرهم للنصوص الدينية.. فيقتنع العامة دون مناقشة لأنهم غير مؤهلين للحكم على مقاصدها الملوثة
تخلط الصحوة بين معنى الحجاب والنقاب لتمرير مفاهيمها وأهدافها ..
الحجاب: جدار أو ستارة تمنع طرفين من رؤية بعضهما..
والنقاب: هو قطعة القماش التي تضعها أي امرأة على وجهها، فلا يراها أحد بينما تستطيع المتنقبة أن ترى كل شيء حتى وجوه الرجال..
وقد استخدمت الصحوة عبارة: «الحجاب تاج رأسي» شعاراً حمله البنات الصغيرات في مدرسة بمدينة الرياض في تجمع له أهداف وربما اعتراضا على كشف مسؤولة لوجهها في إحدى المناسبات .
وعودة لبداية الموضوع: لا توجد آية في القرآن الكريم ولا يوجد حديث نبوي صحيح يدعو المرأة أن تضع نقابا على وجهها..
وهناك آية واحدة في القرآن الكريم جاء فيها ذكر كلمة «الحجاب» التي تستخدمها الصحوة لغرض غطاء الوجه على المرأة المسلمة وهي الآية «35» من سورة الأحزاب التي اشتهرت بآية الحجاب، تقول الآية: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله، ولا أن تنكحوا من بعده أبدا، إن ذلكم كان عند الله عظيما).
لقد نزلت هذه الآية كما قلت في كتابي: «غطي وجهك يا حُرمة» الذي صدر قبل عشر سنوات كغيرها من آيات القرآن العظيم باللغة العربية التي يجيدها الجاهليون في مكة وما حولها ممن اشتهروا بالفصاحة والبلاغة ونبغ منهم شعراء وخطباء تفوقوا في فنون اللغة العربية، قال تعالى: (إنا جعلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون) الآية 3 من سورة الزخرف- ولغة القرآن لغة واضحة لا تحتاج إلى تأويل يبعد معانيها عن مقاصدها..
إلا أنه لحاجة في نفس يعقوب كما يقال، كانت الصحوة تأخذ جزءاً من هذه الآية لتحتج به على صحة زعمها في تفسير آية الحجاب فتستعمل قوله تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً، فاسألوهن من وراء حجاب على أساس أن المقصود منه أنه إذا طلبتم شيئاً من أي امرأة، فليكن ذلك من وراء حجاب، والحجاب عند الصحوة غطاء الوجه..
علماً بأن هناك فرقاً بين الحجاب وغطاء الوجه لا يخفى على أحد ممن يدرك أسرار اللغة العربية..
فالحجاب هو كل شيء يمنع الموجودين في ناحيتيه من رؤية بعضهما بعضا كالجدار والباب والستارة..
والغطاء هو ما يوضع على الشيء فيخفيه عن الأنظار، ويمنع من يقف على أحد جانبيه من رؤية ما خلفه، والمرأة حينما تغطي وجهها بقطعة من القماش لا يرى الرجال وجهها لكنها تراهم، وبذلك لا يسمى غطاء الوجه حجاباً، فهناك فرق بينهما في المعنى..
إن من يلجأ لهذا الأسلوب في الاحتجاج بجزء من آية الحجاب كمن يقول: (لا تقربوا الصلاة) ثم يسكت، فإذا لم يكمل الآية يكون كمن هدم ركنا من أركان الإسلام، لأن الصحيح هو أن يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، ولا جنباً، إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) الآية 34 من سورة النساء..
وقبل هذا وذاك: إن آية الحجاب في منتهى الوضوح، فهي تخاطب المدعوين إلى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم لتناول الطعام بأن لا يدخلوا بيته إلا بدعوة منه، وتطلب منهم أن يخاطبوا أزواج الرسول عليه السلام من خلف حجاب أي من خلف ستار أو جدار ونحوهما حتى لا تقع منهم نظرة شاردة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهن بالملابس المنزلية.
تلجأ الصحوة دائماً إلى تأويل النصوص لإقناع أتباعها وغيرهم بصحة رأيهم وتفسيرهم للنصوص الدينية في القرآن الكريم والحديث النبوي.. فيشربها العامة دون مناقشة لأنهم غير مؤهلين للحكم على مقاصد الصحوة الملوثة في السيطرة عليهم باستخدام الدين، ثم الحصول على تأييدهم في المواقف السياسية باستعمال النصوص الدينية بعد تأويلها وتحوير مقاصدها الشرعية الخالصة لوجه الله، ومنفعة العباد ليكون العباد في مصلحة الصحوة وأهدافها في الوصول لأهدافها السياسية .. وأخيراً أقول للصحوة المزعومة: باي باي.