إن المتابع لموضوع الانتخابات النيابية اللبنانية يعرف جيداً أن حزب الله وحلفاءه هم أكثر من سيستفيد من قانون الانتخابات الجديد، وهم اليوم وبفضل جهود كافة الفرقاء في لبنان قد حققوا الحلم الذي راودهم لسنوات، بتحويل لبنان إلى مستعمرة إيرانية يتحكم بها الإيراني، ويفرض سياساته وأوامره ويطبقها الجميع دون استثناء من الوزارات إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية وحتى الإعلامية.
عندما تصل إلى مطار بيروت فإن أول ما تصادفه عند خروجك من المطار هو صور مرفوعة للخميني والخامنئي وبعض القادة في إيران، وترافقك الصور على طريق المطار المؤدي إلى العاصمة بيروت فتشعر للوهلة الأولى أنك في طهران، وهذا المشهد يتكرر في الضاحية الجنوبية معقل حزب الله وفي بعض البقاع ومعظم الجنوب، وحتى على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية، في محاولة يائسة من تنظيم حزب الشيطان حسن لإيصال رسالة للجانب الإسرائيلي تفسر بأن لبنان قابع تحت حكم ولاية السفيه ومروعها التخريبي، وأنه في لبنان لا كلمة لأحد إلا الإيراني.
إن الجميع ينظرون اليوم إلى لبنان على أنه سيكون نقطة الضغط التي ستستخدمها إيران في حربها القادمة على المجتمع الدولي، الذي يهدد بتعديل أو إلغاء الاتفاق النووي معها، وحدث في 2006 أن حرضت طهران وقياداتها حزب الله للتحرش بإسرائيل وإشعال حرب معها أدت إلى تدمير لبنان ووضع الملف الإيراني في الأدراج لفترة من الزمن، واليوم أرى أن التاريخ يعيد نفسه وأنه من أفضل الخيارات للتعاطي مع هذه القضية هو التلويح بتحرك عسكري ضد حزب الله وإيران، في حال التفكير بشن أي حروب في المنطقة إن كان في لبنان أو أي دولة عربية أخرى.
لبنان المحتل من قبل إيران يبحث اليوم عن خلاصه، ومع اقتراب الانتخابات النيابية أصبح المطلوب الذهاب للتصويت لخيارات لم تهادن الحزب أو تتحالف معه أو مع حلفائه، بل التصويت لمن يملك مشروعاً يواجه فيه حزب الله بشكل مستمر ولا يعود لتشكيل حكومة يكون الحزب جزءا منها أو مسيطراً عليها، فالمجتمع الدولي الذي يعمل على تشريع قوانين تجرم حزب الله وتحضر لعقوبات ضده لن تغفر لحكومة أو برلمان يتعامل مع الحزب، والدليل على ذلك أن الإدارة الأميركية تراقب الانتخابات التي تجري في السفارات وخصوصاً داخل أميركا، وتحدث مقربون منها عن اتجاه واضح لمحاسبة من سيصوتون لحزب الله، وأن طريقة اكتشاف ذلك بسيطة فهي تعرف من يؤيد أو يتعاطف مع هذا التنظيم الإرهابي، وبمجرد دخوله السفارة أو مراكز التصويت سيتم استدعاء هؤلاء للتحقيق معهم، فدعم الإرهاب لا يمكن التسامح معه تحت أي ظرف.
لقد عمل ميشال عون جاهداً على تجريم حزب الله والنظام السوري في الكونغرس الأميركي قبل 2005، وبعد عودته إلى لبنان انقلب على مبادئه وأصبح حليفاً لصيقاً بهم، وتخلى بتحالفه معهم عن السيادة والحرية والاستقلال في لبنان، وأصبح شعاره سلطة ومال ووراثة سياسية، وبهذا قدم تياره الوطني الحر لبنان على طبق من ذهب للنظام الإيراني، ولهذا كنا نقول دائماً إن كل من يتحالف مع ميشال عون وتياره فهو شريك في تسليم لبنان لمحور الشر، وهو شريك بقتل الشعب السوري، وهو شريك بالتطاول على المملكة العربية السعودية والبحرين، وهو شريك في إغراق لبنان بالدين العام والفساد والاختلاس والغرق بالنفايات والشح بالماء وانعدام الكهرباء.
إن من تابع الانتخابات النيابية اللبنانية اليوم وبدء تصويت المغتربين فسيعرف من النتائج الأولية أن هناك رفضا لهذه الانتخابات، ونسب الإقبال ضعيفة جداً بالمقارنة مع أعداد الذين يحق لهم التصويت، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على رسالة واضحة برفض سياسات الداخل وسياسات بعض الأحزاب وتخاذلها وتنازلها عن حقوق مناصريها، وقيادة الوطن نحو مزيد من الفساد، وستنعكس هذه الأعداد على انتخابات الداخل في السادس من أيار، وستكون الرسالة واضحة إلى من يهمه الأمر أن الشعب اللبناني لن يقبل الاستمرار بهذا الوضع، وأن الفساد المستشري في كافة المؤسسات لم يعد مقبولاً، وأن هذا الشعب يستحق العيش بكرامة، ويتم تأمين الحد الأدنى من الخدمات له، في الكهرباء والماء والعلاج والتعليم، ووقف ربطه بالحروب هنا وهناك، والتسبب بسوء علاقات بين وطنهم لبنان ومحيطه العربي لإرضاء إيران، التي لم تقدم لهم يوماً أكثر من السلاح لقتل بعضهم البعض، والتسبب بحروب هنا وهناك واقتتال طائفي ومذهبي بين الشعبين اللبناني والسوري.
في الختام أقول لشعبنا اللبناني وشعوب المنطقة بشكل عام، لا تدعموا من يخدم مشروع إيران في أي انتخابات إن كانت في لبنان أو أي مكان آخر، ولا تسمحوا لهذا المشروع بالاستمرار، ولا تغفروا لمن يتحالف مع حلفاء إيران ويعتبر شريكاً لحزب الله، فمن يدعم التيار الوطني الحر اليوم يدعم حزب الله أيضاً بشكل مباشر أو غير مباشر، وبأصواتكم أنتم تحاسبون الخبيث الذي يحول أصواتكم الحرة إلى أصوات عميلة لمشروع إيران وولاية السفيه، فقاوموا بأصواتكم واستعيدوا ثورة الأرز، وانتفضوا هذه المرة لدماء رفيق الحريري التي تخلى عنها الجميع بحجج واهية عنوانها الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وكأن العيش المشترك لا يأتي إلا بالتنازل عن دماء شهدائنا، والوحدة الوطنية لا تأتي إلا بالتحالف مع قاتل شهداءنا وفهمكم كفاية!