خلال انتظار ابتداء الحدث جلس على يميني رجل محترم قال لي إنه سفير دولة عربية مما جرنا للحديث عن الفساد في الشرق الأوسط، أخبرته خلالها أني أكتب لصحيفة الوطن، فقال إن لدينا صحيفة بنفس الاسم لكنها باللغة الفرنسية تناهض الفساد بشدة، لأرد وكذلك صحيفة الوطن السعودية تحارب الفساد المالي والفكري أيضا، وبمناسبة الصحافة خلال فترة الأسئلة، إحدى الصحفيات قالت إن هناك العديد من الصحفيين في دول الكومنولث غير قادرين على مناهضة الفساد بسبب القمع والتسلط والتهديدات، فردت ماغي مورفي، أحد مسؤولي منظمة الشفافية العالمية، أن لا حق في ذلك، وأن هناك عدة إجراءات ضد كل من يهدد الصحفيين، وبالتالي حريات الرأي.
في الواقع أن الناس يعتمدون على الصحفيين والكتاب في نقل وجهات نظرهم للسياسيين، لكن في وسط التضييق على الإعلام في البلدان الفقيرة يتجه الناس لوسائل التواصل الاجتماعي ليس لممارسة هوايات مثل العالم الغربي، بل الانتقاد والإعلان عن حاجاتهم وغضبهم، وهذا خطر للغاية لأنها طرق قد تستغل من دول عدوة للدولة نفسها، فتجيش جيوشا إلكترونية وتخدع الرأي العام بمطالبات غير حقيقية، أو خلق صورة غير صحيحة عن مكانة الدولة في نفوس شعبها للعالم، لذا تهديد الصحفيين وقمعهم ليس خيارا جيدا وسط كل هذا، ويزيد الوضع سوءا فتجارب الدول الأخرى أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن منح الحريات مع المحافظة على حرمة الأديان وكرامة الأوطان والأفراد يدفع بالدول إلى التطور والتحضر، ويزيد من فرص مساهمة المثقفين الجادين عبر أقلامهم في تحسين حياة الناس داخل البلد، وبالتالي المزيد من التفاهم والتناغم بين الشعب وقيادته، كما أن الصحفيين يجب عليهم ألا يحولوا أقلامهم إلى كلمات قابلة للشراء من دول أخرى أو من أفراد داخل مجتمعاتهم، فذلك سهل اكتشافه ويسيء للصحافة، ويرفع نسب رفض وتقبل آراء المثقفين داخل مجتمعاتهم، فلن يقبل الناس من مثقف يكتشف أنه يعمل لصالح دولة أخرى وتلقى أموالا لخدمتها، وسيصبح هو ذريعة للحد من الحريات، وبالتالي شل وسائل الإعلام عن القيام بدورها الحقيقي فيجد الفساد بيئته الخصبة.