الإعداد للقوة منهج قرآني نبوي، يتعامل معه الناس في مختلف حضاراتهم على مر التاريخ الإسلامي، ومبدؤهم في ذلك «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدَّو الله وعدوكم».
والمملكة عندما تجري مناوراتها هنا وهناك، هي من باب الاستعداد لا الاعتداء، وإنما تحاول تقوية جيوشها البرية والبحرية والجوية، وقد كان التمرين الذي أقيم في المنطقة الشرقية شهرا بحضور 24 دولة، فرصة لإبراز أنواع الأسلحة وإظهارها أمام المتُربّصين بدول الخليج والأمة العربية والإسلامية، فجاء الإعداد والتمرين لإظهار هذه القوة -بعد عناية الله وتوفيقه- من مختلف الدول الشقيقة والصديقة ليتبادل العسكريون الخبرات، ويستفيد كل منهم من الآخر في التعرف على ما لدى الآخر من عتاد وقوة، وهو ما حرصت عليه وزارة الدفاع السعودي، إذ استقبلت هذه الجيوش التي تعد من أفضل جيوش العالم تسليحا ومنظومة عسكرية، منها: باكستان وماليزيا وأميركا وبريطانيا وفرنسا ومصر والكويت وغيرها، وكل جهاز عسكري من هذه الدول بالتأكيد له خططه وتدريباته، ثم هي فرصة أخرى لتوحيد قيادة العمليات، والتعرف على تصريف القوة عندما تتكامل الرؤى والفرق العسكرية لكل دولة، وهذه فائدة التمرين العسكري وحشد القيادات العسكرية في هذه الدول، تحت لواء عملياتي واحد تهابه الأعداء وتحسب له حسابات القوة والاتحاد.
وقد نجحت المملكة في صناعة التسلح وإقامة التحالفات، ومنذ بوُيعَ الملك سلمان بن
عبدالعزيز ملكا للمملكة العربية السعودية، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ونحن نشهد كل يوم حِلْفا جديدا يضاف إلى تكاتف الأمم، فهذا التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وآخر تحالف عسكري إسلامي على مستوى الأمة الإسلامية، واشتراك المملكة أيضا في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، كلها تصب في مصلحة الاستفادة من الآخر، وتبادل المهنية والخبرة، والاتحاد كما يقول الناس قوة أمام الأعداء، فكيف والأمة العربية وأمنها القومي تحيط بهما المخاطر من كل جانب، على حد تغريدة خادم الحرمين الشريفين -وفقه الله- الذي أكد ضرورة الاتحاد وقيام مثل هذه التحالفات، ودعا إلى قيام الوحدة العربية مرارا وتكرارا، لمصلحة شعوب المنطقة واستقرارها، ثم هي أيضا في النهاية تأتي لمصلحة الأمن والسلم الدوليين، وقد تابع العالم كيف أن هذا التمرين أبرز التنوع في العتاد والأسلحة التي لم تكن موجودة إلا في مثل هذا التمرين، واستعرضت للمرة الأولى بعض الطائرات والقطع البحرية، مما يحقق الهدف الرئيسي من هذا التمرين، وهو إرهاب العدو الذي يتربص بالأمة كلها، خصوصا إيران وأحزابها في كل مكان من العالم، وكل من يحاول زعزعة الأمن القومي العربي، ويحاول العبث بمقدّرات الأمة، وهذا من باب الاستعداد الذي أُمر به المسلمون تجاه الأعداء عموما.
لقد كان بحق تمرينا لفت انتباه العالم إلى قوة كامنة في هذه المنطقة، ترهب أعداء الملّة والمتربصين بها، وتؤكد على قدرة المملكة في علاقاتها الدولية والتواصل مع الآخرين، وهذا لمصداقية المملكة التي تنشد السلام والاستقرار، وأنها دولة حب وسلام، قررت ذلك في معاهداتها ومواثيقها وعبر مشاركاتها في المحافل الدولية، التي أثبتت المملكة خلالها مصداقيتها في الوجود الدولي عبر عصورها المختلفة.