تقول زميلتي العمانية وهي تشير إلى صورة أرسلت إلى «قروب» صديقاتها مع تحذير للعضوات بترك الحديث في الـ«قروب» والالتفات إلى تدريس أطفالهن، هذه وزيرة التربية والتعليم العمانية، مديحة الشيباني، قبل أن يقرر السلطان قابوس تغيير مناداة النساء بالطريقة الاعتيادية، تكريما في رأيه لأنوثتها.
الدكتورة مديحة هي خريجة جامعة أميركية، لكنها تذكرك بالحزم البريطاني في التعليم، إذ قامت بإعادة الامتحانات لطلاب المرحلة الابتدائية بعد سنوات من التقويم المستمر، وقامت بفرض برنامج سنة كاملة لكل معلم لم يستطع تجاوز اختبار القدرات، ينتهي البرنامج باختبار شديد الصعوبة يحدد أهليته من عدمها، ثم قامت بفرض اختبار IELTS على معلمي اللغة الإنجليزية، ومنعت تعيين معلم منهم دون أن يحصل على 6 في كل مهارة. كما أنها في المقابل غيّرت غرف المعلمين، فلم تعد كما لدينا صوفا وطاولة طعام بل حجرات مستقلة مع مكتب وجهاز كمبيوتر ومساحة لأغراضه مثل الشركات، تأكيدا لمهنيته.
كما أنها أجبرت العام الدراسي أن يتبع الخطة، وصمّت آذانها تماما عن صراخ الكسالى المطالبين بالإجازات في رمضان والمواسم. والجميل من هذا كله أنها فرضت حفظ 3 أجزاء من القرآن الكريم على طلاب الثانوية العامة، فيتخرج ومعه آلاف المفردات العربية، ثم إنها التفتت إلى الرياضيات والعلوم، وجعلت المدارس تطبق مناهج كامبريدج تماما، مثل المدارس الأهلية والعالمية، مبررة ذلك بأنها وجدت أن طلاب المدارس الخاصة يحرزون أعلى الدرجات في اختبار مفاضلة منح الابتعاث، وطلاب الحكومية يقبعون في المؤخرة، وحقنا مساواة الفرص بين أبناء أصحاب الدخل المحدود وغيرهم، فسجلت مكانا في قلب كل أسرة عمانية.
نعم، النساء الكفء أقدر من غيرهن على قيادة التعليم، هذه حقيقة، لكن عندما نبحث عن كيف تم وصول هذه الشابة إلى هذه المكانة، نجد أنها ليست زوجة مسؤول، ولا أخت رجل مهم، ولا ابنة خالة الوزير الفلاني، إنها كفاءة حقيقية لم تحصل على منصبها مجاملة وملء فراغ.
إنها سيدة جاءت بها قدراتها وإمكاناتها، ومُنحت سلطة التغيير والتأثير فأبدعت، وها هو التعليم العماني بميزانيات بسيطة، ودون رحلات للبحث عن تجارب الغرب والشرق، ينطلق متجاوزا الجميع حتى الذين سبقوه بقرون.