تأتي الجولة الخارجية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كمنعطف تاريخي مهم في تاريخ المملكة العربية السعودية، والتي كغيرها تتابع مسارات الأحداث العالمية والتهديدات التي تتعرض لها المنطقة. وتكتسب زيارة ولي العهد أهمية كبرى لكونها تكشف الوجه الحقيقي للمملكة الحديثة، بعد عدد من الإصلاحات السياسية والمجتمعية التي حدثت مؤخرا، وكان أبرزها في مجال حقوق المرأة والتسامح الديني ومحاربة تيارات الغلو والتشدد وإصلاح التعليم.
ومع كثرة التحديات الإقليمية والعالمية فقد اهتمت الزيارة بالتأسيس لاستقرار حقيقي في المنطقة يعتمد على توازن القوى، وإيقاف التمدد الإيراني وتدخله في شؤون الدول الأخرى، وإيجاد حلول سريعة لإنقاذ الشعوب العربية من محاور الشر بالمنطقة، والذي تتزعمه إيران التي تسببت في كوارث إنسانية في العراق وسورية واليمن.
لقد كشفت الزيارات الأخيرة لولي العهد أن السياسات العالمية الجديدة تتوافق تماما مع توجهات المملكة العربية السعودية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا التوافق في الأطروحات والأفكار هو نتيجة رؤية ثاقبة وعمل متمكن وقدرة على التحكم من قبل ولي العهد السعودي وفريق عمله.
كما أوضحت تلك الزيارات مكانة المملكة العربية السعودية في عيون تلك الدول الصديقة، وقوة تأثيرها في صناعة القرار والتحكم بمسارات الأحداث، والتي تهدف دائما إلى مصلحة الشعوب العربية والإسلامية واستقرار المنطقة.
لقد ركزت زيارات ولي العهد على تعزيز الاقتصاد الوطني، وما يمثله هذا الاقتصاد من أهمية في استقرار الاقتصاد العالمي، وكيف ستتم الاستفادة منه في دعم أهداف التنمية. كما اهتمت الزيارة بالتركيز على رؤية 2030 التي تهتم بتعزيز الحفاظ على الثوابت وتحقيق مزيد من التنمية والأمن والاستقرار. كذلك التركيز على محاربة الإرهاب ولفظ أفكاره ومعتقداته.
لقد كانت تلك الزيارات لولي العهد مهمة لاسيما في توقيتها الذي يتوافق مع الانطباع العالمي عن كونه قائد أكبر عملية إصلاحية في تاريخ الدولة السعودية الحديثة. تلك العملية الإصلاحية التي ركزت على تعزيز قيمة المواطنة ونبذ وإقصاء التمييز والطائفية والمناطقية، وإصلاح الخطاب السياسي والديني والتعليمي للبلاد لتكون أكثر انفتاحا، بعد أن ظلت بعض تلك الخطابات ذريعة للانعزال والانفصال عن قطار الحداثة والإصلاح والتطوير. كما ركزت تلك الإصلاحات على الشفافية في محاربة ومواجهة الفساد لتكون رادعا في إيقاف هدر المال العام والحفاظ على مكتسبات الوطن. لقد كانت زيارات ومحطات ولي العهد الأخيرة استمرارا لتلك الإصلاحات التي رعاها بنفسه، وأحدثت تغييرا جذريا في فترة قصيرة. لقد كانت تلك الزيارات تهدف وبشكل أساسي إلى استكمال تحقيق الرؤية في أن تظل المملكة العربية السعودية بلدا طموحا وقادرا على تحقيق التوازن في كل القضايا الإقليمية والدولية، وأن يعيش أبناؤها حياة كريمة.