لؤي الطيار
بادرة رائعة التي أطلقها المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للرياضة، بالسماح لمواليد السعودية الذين أبصروا النور فوق تراب هذا الوطن، اللعب في الأندية والمشاركة في دوري المحترفين السعودي لكرة القدم وبجميع الألعاب، بل الاستفادة من البارزين والموهوبين منهم في المنتخبات بعد تجنيسهم بالطبع، وجميل جدا أن يجري استقبال أكثر من 8 آلاف موهوب من المواليد خلال أيام معدودة، وأن يجري تفعيل البرنامج بشكل أكبر بالتعاقد مع جهاز فني كرواتي يشرف على تأهيلهم والاستفادة منهم.
لقد فتحت الفكرة باب الأمل أمام آلاف المواليد الذين لا يعرفوا وطنا آخر غير السعودية، عاشوا وترعرعوا فيها، وبات انتماؤهم الأول والأخير لبلد الحرمين الشريفين، ولم يذهبوا إلى البلاد التي ينتسبون إليها على الورق فقط، أعطتهم المزيد من التفاؤل بأن ينظر إليهم بطريقة مختلفة، ولا تتم معاملتهم في المستقبل على أنهم أجانب لا حقوق لهم، بل علينا أن نعيد النظر في قضيتهم وتكون أحد اهتماماتنا في الفترة المقبلة للحفاظ على ترابط المجتمع السعودي ووحدته.
ينبغي أن نطوع القوانين ونجعلها أكثر مرونة لاحتواء إخواننا في الدين والدم، جيراننا في البيت والشارع الذين نثق في ولائهم للقيادة الحكيمة في هذا البلد، وحبهم الكبير لهذا الوطن، وليس لديهم أي سوابق أو مخالفات أو قضايا، إذا كانت الظروف الأمنية تمنعنا من منحهم الجنسية في الوقت الحالي وفق ضوابط وشروط معينة، فمن الممكن على الأقل أن نعفيهم من رسوم التابعين والإقامات والأعباء الكثيرة التي تثقل كاهلهم.
نتطلع إلى نظرة حانية من ملك الإنسانية والحزم، سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، صاحب المبادرات الشجاعة والجريئة، مبادرة إنسانية ترسم الابتسامة على الوجوه المكلومة والحزينة التي أعياها التعب من كثرة الشكوى والأنين، لا سيما أن الكثيرين منهم لديه عدد كبير من الأولاد ولا يستطيع أن يدفع رسوم التابعين التي ستصل في منتصف العام الحالي إلى 2400 ريال على الشخص الواحد.
لقد عاشت هذه الأرض الطاهرة رمزا للوفاء والعطاء والتسامح على مدار تاريخها، والكثيرون منا لا يمكن أن ينسوا أن من أسميناهم أجانب هم شركاء في التنمية، منهم المعلمون الذين رسموا خطواتنا الأولى نـحو الطريق ولم يبخلوا علينا بعلمهم وخبرتهم، الأطباء الذين عالجونا.. المهندسون الذين شيدوا منازلنا، المثقفون والمفكرون الذين بثوا الحياة في عروق جامعاتنا بأفكارهم وشقوا طريق الثقافة بمبادراتهم وريادتهم، حتى العمال البسطاء الذين يصنعون لنا الخبز، ويحملون على أكتافهم «إكسير الحياة» المياه، والقائمون على نظافة شوارعنا ومنازلنا وترتيب غرفنا وأفكارنا.
لا يمكن أن ننسى أن كثيراً من الأجانب أو ما يسمونهم بـ«البدون» ترعرعوا وعاشوا وتعلموا في هذه البلد المعطاء، وقد كانت هناك دراسة لمجلس الشورى الموقر قبل عدة سنوات حول إمكانية إعطاء الجنسية لمن ولد وعاش جل حياته على أرض المملكة، ولم يزر بلده وليس له أقارب فيها، وجاء الوقت أن نعيد فتح هذا الملف في إطار من الشفافية والإنسانية. وبما يعود بالخير والنفع على هذا الوطن.
لقد فتحنا الباب في الرياضة أمام المواليد ليحملوا جنسية الوطن في كرة القدم والألعاب الأخرى. وبات من الأولى أن نضم إليهم الكثيرين الذين يخدمون هذا الوطن بإخلاص. أكملوها رعاكم الله.