أعلنت وزارة الخارجية البريطانية عن الزيارة الرسمية الأولى لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله للمملكة المتحدة في 7 مارس، والتي تحظى باهتمام، وبحفاوة بالغة التقدير من الجانب البريطاني، الذي يتطلع إلى استقبال حكومة سعودية من جيل شاب يحمل كثيراً من الطموح والتطلعات في حقائبه القادمة من الشرق الأوسط بوجه سعودي عصري.
ستستهل هذه الزيارة، وفق المتحدث الرسمي باسم رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، بتجديد حقبة جديدة في العلاقات الثنائية، تركز على الشراكة التي تحقق فوائد واسعة النطاق لكل من المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية. وستتيح الزيارة أيضا الفرص لتعزيز التعاون المشترك في التصدي للتحديات الدولية، مثل الإرهاب والتطرف والصراع والأزمة الإنسانية في دول المنطقة العربية، في اليمن وسورية والعراق، وكذلك ستتم مناقشة عدد من القضايا الإقليمية، كما يحتمل أن يكون هناك نقاش حول طرح أسهم أرامكو ولكن دون شروط.
وقد عقبت ماي على الزيارة في بيان منفصل بأن زيارة ولي العهد السعودي ستسمح لبريطانيا التحدث بصراحة بناءة. سيكون هناك الكثير من التفاصيل التي ستتاح للنشر، ويمكن التعليق والنقاش حولها. المملكة العربية السعودية كما هي دائما ذات الثقل الأقوى القادم من الشرق الأوسط، ولذلك فمحاولات التشويش على الرأي العام في بريطانيا أيضا قد بدأت منذ وقت مبكر أيضا، من قبل اليمين المتمرس في بعض وسائل الإعلام التجارية البريطانية، والتي تسعى إلى تغذية التعارض مع كل ما لم يسمع من قبل الجانب السعودي بعد، ولكن الحكومة البريطانية لا تهتم بهذه الأصوات وفي نفس الوقت لا تسعى إلى تغليب الرأي المنصف للمملكة.
المعاناة السعودية من الإعلام الخارجي أجد من وجهة نظري الشخصية أنه لا بد من وضعها على الطاولة كجزء من أسس العلاقات الثنائية بين الطرفين، خصوصا في هذه المرحلة من التاريخ المليء بالملفات السياسية والحروب والملابسات، التي لا توصل الصورة الحقيقية عنا كسعوديين نحمل راية الإسلام وقيمه على أعناقنا، كما أن الإعلام السعودي لا يسيء إلى بريطانيا ولا إلى غيرها من الدول المسالمة والصديقة. وتبذل الحكومة السعودية جهودا جبارة لتحسين صورتها التي تشوه عنوة في الإعلام الأجنبي، ولكن هذا التحسين والهدر في الجهود لم يعودا مجديين ما لم يناقشا رسميا مع الحكومة البريطانية، التي تدعي دائما المثالية والديموقراطية في الرأي.
وكما أن التطلع للزيارة الملكية السعودية يحظى بحفاوة ملكية وحكومية بريطانية، كذلك الحال بالنسبة للجانب السعودي المستقر في بريطانيا، خصوصا المبتعثين في بريطانيا، وهم ما يزيد عن عشرين ألف سعودي ما بين مبتعث وملحق بأسرته، ويستبشر العديد من الدارسين على حسابهم الخاص بهذه الزيارة الملكية بشأن بشارة ضمهم للبعثة الحكومية، كما يتطلع المبتعثون جميعا إلى بشارة إعادة العلاج على حساب شركات التأمين الصحي بعدما ألغي وألغي معه أيضا بدل العلاج، فالوضع الحالي للعلاج على حساب ضمان الملحقية لا يتسم بالمرونة كثيرا، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالولادة والأسنان والرعاية النفسية.
ما يمكن قوله هو أن زيارة ولي العهد السعودي الأولى لبريطانيا يترقبها الجميع لكونها واحدة من أهم الزيارات الدبلوماسية حساسية في هذه المرحلة العصرية المهمة، والتي ستثمر نقاشاتها حول أطروحات أغلب الملفات التي سيتم تناولها بين الحكومتين.