فهد الصالح

ندرك جميعا أنه ليس للرياضة طعم ولا ذوق ولا رائحة ولا وجود أو انتشار، إذا عدمت مواقف الوفاء وتقدير الجهود، لمن أعطى للوطن أولا ثم لناديه، في أي لعبة كانت، سواء كان لاعبا أو إداريا أو حكما رياضيا.
وطالما أن الرياضة نشاط بدني، فإن المشارك فيها عضو داخل مجتمع يؤثر ويتأثر بما حوله وبمن حوله، وما زلنا نستذكر هوية الأندية سابقا عندما كانت «رياضية وثقافية واجتماعية» ولكنها في الغالب ذهبت، إلا الرياضية فقط، وليتنا قدّمنا فيها ما يواكب العطاء والاهتمام الذي حظيت به الرياضة سابقا.
كذلك، فالمشهد الرياضي بكامله من رئاسته إلى لاعبيه مطالب بالتفاعل مع أحداث المجتمع، والتغيرات التي تطرأ على أوضاع المواطنين، ويُقدّر المجتمع كثيرا العطاءات المتعددة التي تقدمها الهيئة الرياضية الحالية، أو رعاية الشباب سابقا في كثير من البرامج والأنشطة والفعاليات، وكذلك التفاعل الدائم الذي تقدمه الأندية الرياضية، وعلى مدار العام، حتى في الأوقات التي لا يوجد نشاط رياضي فيها، مثلما يقدم في الهلال والأهلي والشباب تحديدا.
إننا اليوم أمام حراك رياضي سريع ومتتابع ومتجدد، يلامس أدق التفاصيل، ويكشف الغطاء عن ممارسات مزعجة للغاية، داخليا ودوليا، ولا نبالغ إذا قلنا إنه لم يمر بالرياضة السعودية من قبل، وسيكون لنا موقف آخر في مقال قادم نعبر فيه عن امتنان المجتمع من سرعة التفاعل، وإصدار القرار والثقة في التغيير، والقدرة على الإنجاز، ومع أن الأعم الغالب من القرارات التي صدرت رياضية بحتة، إلا أنه مع تلك القرارات الحاسمة والصارمة والصادم بعضها، ظهرت في خضم المنافسة الرياضية مشاهد إنسانية كريمة، لا شك تستحق التقدير لكيان الهيئة الرياضية عامة، والمصحح أو المصلح للشأن الرياضي، الأستاذ تركي آل الشيخ، خاصةً، والذي يقف اليوم بنا على عتبة عصر جديد سيذكره بما قدم.
ومن باب الاستشهاد وليس الحصر، ولثقتي أن القادم من المواقف الإنسانية والاجتماعية التي يحتاج إليها مشهدنا الرياضي سيكون أكثر مما صدر، فيسرني أن أذكر وأُذكّر ببعض المواقف الإنسانية التي صدرت في الفترة القليلة الماضية، وهي:
1. علاج الناقد الرياضي الأستاذ مدني رحيمي، الذي أسهم بشكل كبير جدا في مسيرة الاتحاد الذهبية، مديرا لفريق كرة القدم، وما بعدها كان مشاركا إعلاميا خلال ما يكتب، ومحللا رياضيا متوازنا، صاحب خلق ومنهجية نقدية راقية.
2. إصدار بطاقات دخول الملاعب مجانا لأبناء الشهداء في كل ملاعبنا الرياضية، وهذا ترجمة حقيقية لاهتمام القيادات بأبناء وأسر الشهداء في مختلف القطاعات العسكرية.
3.  تخصيص دخل مباراة النصر والاتحاد وتسليمه إلى الكابتن سالم مروان، حارس المنتخب ونادي النصر، وتعويض الفريقين عن دخل المباراة، كذلك منح أسرة الحارس مبروك التركي مبلغ 100 ألف ريال كمساعدة ووقفة إنسانية مستحقة.
4. تخصيص دخل مباراة الاتحاد والشباب وتسليمه لأسرة الكابتن الخلوق جدا محمد الخليوي -رحمه الله- الذي كان سدا منيعا لدفاع منتخبنا الوطني ونادي الاتحاد لسنوات طويلة.
5. تبني الهيئة الرياضية حفل اعتزال الكابتن فؤاد أنور، والكابتن فهد الهريفي، وهما من أصحاب البصمة والخلق الرياضي الرفيع، لعدم إقامة حفل اعتزال لهما في نادييهما.
6ـ السرعة في التفاعل وتعويض الحكم أحمد فقيهي عن سيارته التي احترقت بالكامل، وهو في طريقة لتحكيم إحدى المباريات بمبلغ 200 ألف ريال لشراء سيارة بديلة تماثلها.
7. وفي لفتة إنسانية كريمة لهيئتنا الرياضة، تدل على عمق وحجم الاهتمام بأبناء الشهداء، تم تقديم دعوة لحضور مباريات منتخبنا في تصفيات كأس العالم المقامة في روسيا.
ختاما، إن أحد أبواب العودة إلى اهتمام المجتمع بالرياضة المحلية بكل تفاصيل ألعابها ومشاركاتها المحلية والدولية، وتفعيل اتحاداتها، هو التركيز على الجانب الاجتماعي والمواقف الإنسانية، ولا يعتقد الجميع أن هذا سيكون مرتبطا برئيس الهيئة، وما يطلقه باسم القيادة أو الهيئة، أو باسمه شخصيا، ولكننا نتطلع إلى أن يكون ذلك ضمن عمل مؤسسي دقيق، ووفق خطة إستراتيجية منضبطة، ومؤشرات أداء دقيقة، وتفعيل إدارة عامة للمسؤولية الاجتماعية داخل الهيئة الرياضية، وتكليف عضو من كل اتحاد رياضي بملف للمسؤولية الاجتماعية داخل الاتحاد، والأمر الذي لا يقل أهمية عما سبق، هو تفعيل مؤسسات المجتمع المدني الرياضية تحديدا، والدفع بإطلاق مزيد منها.
فالجمعية اليتيمة لم يظهر عنها ما يزيد القناعة بها، ويمكن كذلك إطلاق كثير من الجمعيات التعاونية الرياضية، وجعلها مع الجمعيات الأهلية تنموية وليست رعوية، كي يتحقق معها استمرار النفع للرياضي، وتنقلهم من الاحتياج إلى الإنتاج في أمر هم أول من يتقنه ويعطي فيه.