الوطن

من المؤكد أن الكثير تابع نتائج انعقاد مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي عقد في دولة الكويت مؤخرا، ورأى الوقفة الشجاعة من دول الخليج العربي، وبخاصة المملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، اللتين منحتا دولة العراق ثلاثة مليارات ونصف المليار من الدولارات على شكل هبات وقروض واستثمارات، لمساعدته في إعادة إعماره من الدمار الذي لحق به بفعل الإرهاب، والحروب الطاحنة الداخلية، فدولة الكويت التي رعت المؤتمر قدمت مليار دولار على شكل استثمار، وملياراً ثانيا كقرض، أما بلادنا السعودية فقدمت مليار دولار للإعمار عن طريق صندوق التنمية، ونصف مليار دولار لدعم الصادرات.
دول الخليج العربي في هذا المؤتمر، كما في غيره، تثبت وبكل صدق أنها الشقيق والصديق الحقيقي الذي يشعر بآلام أشقائه العرب، وها هي في المؤتمر تقدم درسا في البذل والعطاء، وثباتا في صدق المبدأ بوقوفها إلى جانب أشقائها العراقيين، وتقدم درسا عظيما في التسامح، رغم ما عانته من قبل من دسائس وتآمر على أمنها واستقرارها، ورغم ما تلقاه من جحود ونكران لما تقدمه، وتحملها لمسلسل الشتائم من الفضائيات والإعلاميين والمرتزقة، الذين يمنحون كامل حبهم لمن يتآمر عليهم، ويشبعهم بالشعارات الزائفة، إلا أن دول الخليج تحاول أن تنسى، رغبة في تعزيز التضامن العربي، فتدعم الأشقاء، وتضمد جراحاتهم، دون أن تلحق ما تعطي منّا أو أذى، فكانت نتيجة المؤتمر الذي يبين حرص دول الخليج على دعم العراق؛ أن خرج المؤتمرون لإعادة إعمار العراق من دولة الكويت بـحصيلة ممتازة تقدر بـ30 مليار دولار، ليبدأ العراقيون في استعادة عافيتهم، والعودة بدولتهم إلى ما كانت عليه، عراق الشموخ، والعروبة والتحدي والتاريخ، رغم فاتورة العدوان العراقي على دولة الكويت ودول الخليج، الباهظة التكاليف، إبان حكم صدام حسين الذي أدخل المنطقة في أزمات حروب، شكّلت عبئا على اقتصاده وأمنه لا تزال آثارها إلى اليوم.
في المقابل ونحن نرى الوقفة الصادقة لدول الخليج العربي، وبعض دول العالم التي أسهمت في إعادة إعمار العراق (لننظر) ماذا قدمت إيران في ذلك المؤتمر في هذا الصدد؟! لا شيء! نعم لا شيء، لم تقدم إيران حتى ربع دولار، سوى تلك النظرات الزائغة لوفدها في المؤتمر، والبحلقات التي كانوا يوزعونها هنا وهناك في أنحاء القاعة، وفي وجوه الحاضرين، هذا أكثر ما فعلته إيران، إضافة إلى تقديم وعود من الكلمات بدعم الاستثمار والأمن فقط! وهي بالطبع وعود كشعاراتها التي تعلنها لمحاربة أميركا وإسرائيل! الشيطانين الأكبرين في نظرها، كما تردد في شعاراتها!
إيران لم ولن تنظر إلا إلى مصالحها أولا وثانيا وعاشرا، ولا يهمها الآخرون، فكل ما يهمها تصدير ثورتها وتوسيع نفوذها، وغير ذلك لا يهم، وهذا يعني أنها لا تجيد سوى مد العراقيين بالسلاح ليتقاتلوا، وهي هنا لا تمد سوى المليشيات الحزبية الموالية لها، كما هي تفعل في لبنان بمد حزب الله، وكما هي تمد ميليشيا الحوثي في اليمن بالصواريخ، كما هي تدعم نظام بشار والمليشيات التي تقتل الشعب السوري فقط، وهذا يعني أنها تمول تلك الميليشيات لمزيد من التشرذم والاقتتال والدمار وإلحاق الأذى بدول العرب، خدمة لمشروعها الفارسي التوسعي الذي تقوده أطماعها بدافع الثأر والانتقام لهزائم عروشها وقياصرتها على أيدي العرب، وهي لذلك تخلق دولا داخل الدول لتأخذ أمن تلك الدول التي زرعت فيها أذنابها إلى متاهات من الحروب والفتن الداخلية التي لن تنتهي، هذا فعل إيران، وهذا ما تقدمه إيران على المكشوف أمام العالم، فما حلّت إيران في بلد إلا وحولته إلى ساحة من الفوضى والخراب والعبث، ومع هذا فهي تتظاهر بمحاربة إسرائيل والدفاع عن القدس، وتسمي بعض مليشياتها بأسماء هي ليست أكثر من شعارات للمخادعة والتمويه، فهذه ميليشيا القدس، وتلك ميليشيا الأقصى وغيرها من الميليشيات التي تقتل في العرب في سورية والعراق، وكلها كذب ودجل، فالحقيقة أن تآمرها كله ضد العرب وبالتحديد ضد دول الخليج العربي للعبث بأمنها.
إيران الفقيه منذ عام 1979 وهي لم تنفك عن التدخل المباشر وغير المباشر في شؤون دول الخليج سياسيا وإعلاميا، وعبر أذنابها وخلاياها النائمة في عدد من الدول، وهي لا تحمل الخير بالطبع في تدخلاتها، فهي لا تعرف سوى الشر، فكل أهدافها ونواياها وخططها، أن تنشر القلاقل وتبث الفتن وتعمل على خلخلة النسيج الخليجي داخل الدولة الواحدة وبين دوله، وكم ألقت دولة الكويت والبحرين والإمارات والسعودية القبض على خلايا تتبع إيران، تهّرب الأسلحة وتخطّط لعمليات إرهابية، تمكّنت دولنا في إفشالها، وإحباط خلاياها التي تمارس الإرهاب خدمة لإيديولوجيات حكومة الملالي في طهران، فعداوة إيران لنا لا يمكن الحديث عنها في السر، بل عداوتها لدول الخليج العربي ظاهرة واضحة لا لبس فيها، بدليل أن تهديد أمنها واستقرارها، يأتي من كبار المسؤولين الإيرانيين وفي وسائل إعلامهم، وهذا يحتم علينا أن نكون على يقظة لمواجهتها، وسينصرنا الله بإذنه تعالى، لكن بربكم هل يعقل أن يوجد بيننا من يثق بإيران بعد هذا؟