من المهم بناء وعي قانوني مجتمعي يهتم بحقوق المؤلف ويحميها، خصوصا أننا نلاحظ حراكا كثيفا وإيجابيا نحو معارض الكتاب، قراءة وتأليفا
السرقة الفكرية هي مثل السرقة العادية تماما، إلا أنها أكثر منها سهولة وأصعب من ناحية تطبيق القانون عليها وتنفيذه، وأحيانا لا يدري المسروق عن السارق أبدا إلا بالصدفة.
كل بلد له إطاره العام وفكرته عن حقوق الملكية الفكرية، ومنها حق المؤلف، إلا أن المملكة دخلت في معاهدة WIPO لحماية حقوق الملكية الفكرية بشأن حق المؤلف، وهي معاهدة غير ذاتية التنفيذ، ويعني ذلك في القانون الدولي أن على الدول التي وقعت وصادقت على الاتفاقية أن تحدث التغييرات اللازمة في القانون المحلي ليواكب المعاهدة والأطر العامة لها، مملكتنا المستنيرة خطت خطوات جادة وأصدرت القوانين المناسبة لتواكب عولمة التجارة العالمية، يبقى جانب الثقافة المحلية القانونية تجاه إشكالية السرقات الفكرية، مررنا بالمدارس والجامعات والمدارس ولم نسمع أبدا بهذا المصطلح.
الإنترنت حاليا جعل موضوع البحث العلمي مبتذلا جدا، وبالتالي يسهل على الطالب أو الباحث أو الشيخ في بعض الحالات أن يسرق سرقة فكرية مكتملة الجوانب، وعلى الجهات الإعلامية والتعليمية بالدولة أن تتنبه لهذا الوضع وتضع اللوائح المناسبة، وربما تغلظ العقوبات أكثر، وتشيع ثقافة حماية حقوق الملكية الفكرية بين الطلاب والباحثين والشيوخ كذلك!
الحملات التوعوية ضرورية لم أر في حياتي حملة واحدة لدينا بالمملكة لحماية حقوق الملكية الفكرية، مع تشجيعنا للقطاع الخاص ودعمنا الكبير للمخترعين والمؤلفين، فإننا كذلك نحتاج إلى أن نحمي أفكارهم، وإلا فإن المفكر أو المخترع سيتوجه المفكر لتسجيل البراءة أو توثيق كتابه في بلد آخر، في إشارة واضحة جدا لضعفنا القانوني تجاه هذه المشاكل، كذلك لا بد أن أشير إلى أن العدالة البطيئة عدالة ناقصة يشوبها العيب ومنها تنشأ ثقافة سلبية تدعو لعدم اللجوء للمحاكم أو اللجان القضائية، لأن رفع قضية يأخذ وقتا طويلا جدا غير مبرر تماما، وحتى بعد أخذ صاحب الحق للحق فهو لا يشعر بالنصر بقدر أنه أخيرا قد أخذت حقا لي! لذا عزيزي القارئ الباحث أدعوك لقراءة قانون حماية حقوق المؤلف السعودي قبل أن تقدم على شيء تندم عليه لاحقا، الذي تنص فيه المادة الثانية صراحة على المصنفات المتمتعة بالحماية، وهي المصنفات الأصلية مثل: «المصنفات المبتكرة في الآداب والفنون والعلوم، أيا كان نوع هذه المصنفات، أو طريقة التعبير عنها، أو أهميتها، أو الغرض من تأليفها مثل: المواد المكتوبة كالكتب، والكتيبات، كالمحاضرات، والخطب، والأشعار، والأناشيد، وما يماثلها، المصنفات التي تلقى شفهيا، المؤلفـات المسرحية، والتمثيليـات، والاستعراضات، ونحـو ذلك مـن العروض التي تؤدى بالحركة، أو بالصوت أو بهما معا لتذاع...... إلخ»، وأرجو الرجوع إليها على الإنترنت لاستكمال بقية المصنفات.
على الجانب الآخر لو عرجنا على الشريعة الإسلامية لوجدنا السرقة ولها شروطها التي لا تنطبق على السرقة الفكرية، فهل هذا يعني أنها ليست سرقة؟ كلا، بل تعتبر سرقة، فالتقنين حق من حقوق ولي الأمر، وهناك قواعد عامة في الشريعة تنطبق على حالة السرقة الفكرية كقاعدة «لا ضرر ولا ضرار»، والسرقة تسبب ضررا ماليا بالمؤلف غير المعنوي، حتى لو خرج أحدهم في برنامج ما وتلا شفاهة تاريخا ما، روي بطريقة معينة في كتاب ما فهو في حكم هذا القانون مخالف، فالتاريخ كلٌّ يرويه بطريقة معينة، وهذه الطريقة هي الحق الذي يحميه القانون، وهو ما يجعل منا بشرا تختلف أفكارنا وطرائقنا، وأخيرا فمن المهم بناء وعي قانوني مجتمعي يهتم بحقوق المؤلف ويحميها، خصوصا أننا مؤخرا نلاحظ حراكا كثيفا وإيجابيا نحو معارض الكتاب، قراءة وتأليفا، من جميع الأعمار، وعلى وزارة الإعلام والتعليم تقع مهمة كبيرة في هذا الجانب، وتذكر عزيزي القارئ أنه حتى هذا المقال محمي حسب قانون حقوق المؤلف السعودي فلا تحاول نسخ شيء منه!