قدم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد توليه منصبه، الإستراتيجية الأمنية وإستراتيجية الدفاع الجديدتين. وكشف عن أن الأولوية الرئيسة لأميركا في إستراتيجية الأمن القومي الحالية هي المنافسة الإستراتيجية بين الدول، وليس مكافحة الإرهاب. مما يعني أن العلاقات الدولية في عيون الحكومة الأميركية قد عادت إلى سياسة القوة العظمى التقليدية، وتتراجع مكانة القضايا الأمنية غير التقليدية. وفي التفكير الأميركي للإستراتيجية الأجنبية، تطور العالم مرة أخرى إلى معسكرين متعارضين: أميركا من جانب والمعارضين لأميركا من جانب آخر. ووفقا لمقدمة «تقرير إستراتيجية الدفاع الوطني» الأميركي الصادر في يناير 2018، تُعتبر الصين وروسيا هاتين «القوتين التنقيحتين» المنافستين الرئيسيتين الجديدتين لأميركا.
ولا يوجد فرق جوهري بين الإستراتيجية الأمنية الجديدة و«إستراتيجية إعادة التوازن في آسيا والمحيط الهادئ» التي طرحها باراك أوباما سابقا. لكن سياسة أوباما الخارجية واقعية وليبرالية، تجنبت الصراعات المباشرة مع الصين، والاستمرار في تأكيد قبول «الصين القوية والمزدهرة»، متطلعا إلى إدراج الصين في النظام الدولي. ويمكن النظر إلى سياسة إدارة ترمب في شرق آسيا والمحيط الهادئ على أنها «إعادة التوازن بين الهند والمحيط الهادئ». والسبب أن إدارة ترمب حددت بوضوح الصين وروسيا على أنهما منافسان رئيسان، وقررت «السعي لتحقيق السلام بالقوة».
وعليه، ستوسع أميركا قوتها العسكرية بالكامل في هذه المنطقة، وتبيع الأسلحة والمعدات الأكثر تقدما للحلفاء. وفي المستقبل المنظور ستركز أميركا على مزيد من القوات في أستراليا وسنغافورة واليابان والفلبين ودول أخرى. وفي الوقت نفسه، تقوم أميركا ببيع أسلحة ومعدات متقدمة إلى اليابان والهند.
ومن ناحية أخرى، ستعمل الحكومة الأميركية بقوة على تعزيز إقامة نظام الهند - المحيط الهادئ. ويستند النظام الأخير إلى مفهوم ما يُسمى منطقة الهند ـ المحيط الهادئ، لكن الاثنين مختلفان. وإن ما يسمى بمفهوم الهند والمحيط الهادئ هو انكماش لمنطقة الهند والمحيط الهادئ، يظهر العلاقات الوثيقة على نحو متزايد بين المحيط الهندي والمحيط الهادئ، ويبين أن الاثنين قد أصبحا واحدا كاملا، وبطبيعة الحال، يدل على أهمية الهند. ويهدف تركيز أميركا على بناء نظام الهند ـ المحيط الهادئ إلى سحب الهند إلى أعمالها التجارية في شرق آسيا والمحيط الهادئ. ومن الواضح أن ضم الهند إلى آلية قمة شرق آسيا، حتى الوقت الحاضر، أميركا واليابان وأستراليا والهند، فضلا عن البلدان الأربعة التي تتعاون أمنيا، من الواضح أن فكرة نظام الهند - المحيط الهادئ هي في إطار إستراتيجي من شأنه سحب الهند لتحقيق التوازن معا، مع الصين.
قد يعود شرق آسيا إلى حالة سباق التسلح في التسعينات بعد انتهاء الحرب الباردة، بعد ما يقرب من 15 عاما من التعاون الإقليمي في شرق آسيا، وفي ظل فكرة إدارة ترمب «السعي إلى السلام بالقوة». والتوقعات بتواجد التكامل والانقسام في نفس الوقت في شرق آسيا في المستقبل غير مؤكد. ولن تكون بلدان رابطة أمم جنوب شرق آسيا والهند بقيادة أميركا، وتكون رهينة لأميركا ضد الصين، لكن، قد تميل المنطقة إلى الانقسام والمواجهة.

سونج وي*

*باحث في المعهد الوطني للتنمية والإستراتيجية بجامعة الشعب الصينية
(بيبولز ديلي) الصينية