جدة: ياسر باعامر

يحرص العديد من الناشرين في الداخل السعودي أو على مستوى المحيطين الخليجي والعربي على أخذ خطوات تفاعلية سريعة، في نشر إصدارات «السير الذاتية» للشخصيات المؤثرة، التي رسمت تأثيرها في العقول.
ربما يكون المدخل السابق صورة مصغرة من إقبال الشريحة الشابة على هذا النوع من الكتب، وهو صورة طبق الأصل لما حدث في معرض كتاب جدة الأخير، واقتناء وتصفح إصدارات السير الذاتية، والذي يعتبر بحسب الناشر ظاهرة معرفية وثقافية من المهم الوقوف عند تفاصيلها، وإثارة سؤال الاستفسار لماذا يقبلون عليها؟

 السند المتصل
 لكن اللافت في المعرض الأخير هو البحث عن كتب توثيق الشخصيات (غير العربية)، وهذا ما بدا واضحاً لدى عارض دار سما للنشر والتوزيع الكويتية، التي ظلت على مدار الأيام العشرة تبرز ثلاثة كتب وجدت طريقها لجُعبة القراء السعوديين، ومن الشباب على وجه الخصوص، الأول «رحمت الله الهندي.. ركن الحرمين الشريفين»، و«أحمد ديدات.. سفير العهد الأخير»، و«ذاكر نايك.. ديدات الأكبر».
يشير ناشرو الكتب الثلاثة السابقة في حديثهم إلى «الوطن»، إلى أنهم لم يتوقعوا إقبال القراء في المملكة على اقتنائها بهذه الكثافة، ما دفعهم إلى زيادة كمياتها بين الحين والآخر، وكانت الأسئلة تتوالى بالنسبة لهؤلاء الزائرين عنها بشكل لافت. وربما شاءت الصدف بحيث ظهر ذلك للقراء أو لم يظهر اصطفافها بطريقة مرتبة حسب الحقب الزمنية، وكأنها تختصر ثلاثة أجيال متلاحقة بين شخوص لعبوا ولا زال بعضهم يلعب دوراً مهماً في مناظراتهم ومقارباتهم بين الأديان، وبخاصة بين المسيحية والإسلام، وبلغت شهرتهم الآفاق في هذا المجال، والأعجب أنهم يعودون لأصل واحد، وهي «الهند». رحمت الله الهندي الكيرواني، صاحب كتاب «إظهار الحق»، الذي انطلق منه الداعية الراحل أحمد ديدات، ينطلق في عالم المقارنة بين الإسلام والمسيحية، وهو من أهم الكتب المؤلفة في بابه، ويتضمن الكلام عن المسائل الخمس: التحريف والنسخ والتثليث وحقيقة القرآن ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك عن كتب العهد القديم والجديد.  وربما دفع الأمر القراء المقبلين على هذه الكتب – كما يقول بعض ممن قابلتهم الوطن في معرض الكتاب الأخير- إلى معرفة الخصائص التي دفعت أبرز شخصيتين في العصر الحديث في المناظر بين الإسلامية والمسيحية وهما «ديدات وذاكر نايك»، وريادتهما في الدخول في هذا العالم، وحصولهما على أهم جائزة عالمية، وهي «جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام».

 الفرصة الجديدة
سيطرت خلال السنوات الماضية السير الذاتية أو التوثيقية للساسة على حساب الشخصيات في المجالات الأخرى، وهنا تحديداً يحدد الناشر المصري رفعت عطية لـ «الوطن» عن سبب هذه التحولات في القراءة بين الطرفين.
ويقول: «الانفتاح المعلوماتي الواسع، أعطى القارئ العربي فرصة جديدة للاطلاع عن كثب عن السير الشخصية التي لا تنتمي للمجال السياسي، لظروف كثيرة تختلط فيها السياسة بالأبعاد الجيو ثقافية، فالتركيز الآن من أغلب الناشرين في هذا الخط ينصب على الشخصيات المؤثرة من خارج نطاق الدبلوماسية والسياسة، رغبة في الجيل الجديد في التبحر والتعمق فيها ومعرفة أدق تفاصيل رحلاتها في عوالمهم».
أما لماذا ديدات ونايك؟ فيجيب الناشر بذلك الإقبال إلى طرح عدة أسباب أهمها: «الرؤية المختلفة والجديدة والمؤثرة التي خاضها الأستاذ وتلميذه النجيب في طرح المقاربة بين الأديان بأسلوب الحجة والمنطقة، ولم تعد المناظرات التي خاضها الاثنان محصورة في النخب، على العكس تماماً فالمشاهدات للدكتور ذاكر نايك على اليوتيوب تكاد تصل للملايين، وهذا يعطي سر الإقبال على الكتب التي تتناولهما.