رأينا خلال اللقاءات الصحفية، أن بعضا من مستفيدي المناصحة تخرج وأمسك بزمام إدارات ذات بُعدٍ فكري، وهذا يدل على أن الإنسان على نفسه بصيرة
كانت المنطقة الشرقية على موعد زفاف أحد أبنائها، موسى الصفار، الذي فرح به إخوانه وأبناؤه، وكذا الوسط الأدبي والإعلامي، في ليلة جميلة حضرها وجهاء الوطن مع من تبصّر الحقيقة وتخرّج مستفيدا من مركز المناصحة والرعاية، والذي هيأته رئاسة أمن الدولة ذات يوم، عندما أعلن أن الفكر لا يجابه إلا بالفكر. وهنا، جاء الإعلام لينقل الحدث الساهر تلك الليلة.
وقصة الصفار، قصةٌ واحدة من عدة قصص جنح أصحابها عن الطريق ثم عادوا إلى مجتمعهم بقلب رحيم، احتضن فيه الوطن أبناءه بعد محكومية عادلة، لكنها لا تثني عزائم أبناء الوطن -من أمثال الصفار- الذين خرجوا للمجتمع برغبه وزواج وعمل واندماج، بفضل الله، ثم الرعاية التي تقوم بها الدولة، ممثلة في رئاسة أمن الدولة، وسجون المباحث، ومراكز المناصحة والرعاية والتأهيل.
والصفار واحد من هؤلاء الذين عدّوا عتبة التوقف في السجن مرحلة تصحيح ومراجعة، يشرف عليها مواطنون مخلصون داخل الأجهزة الأمنية، حتى رأينا مثيلا متفوقا قبل فترة، عندما أقامت رئاسة أمن الدولة حفل التخرج الكبير لعدد من الخريجين الذين واصلوا تعليمهم داخل السجن، وقامت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بمنحهم فرصة الدراسة، ثم تخرجوا ليلتحقوا في ميادين العمل المختلفة، والذين واصلوا الدراسة العليا بعد التخرج، وآخرون انخرطوا في سلك العمل، وآخرون ينتظرون، ولقد أثبتت الأيام أن أبناء الوطن رقم مهم في عيون الدولة، رعاية وتأهيلا وحفظا لكرامتهم، والحرص على مستقبلهم.
وقد رأينا خلال اللقاءات الصحفية، أن بعضا من مستفيدي المناصحة تخرّج وأمسك بزمام إدارات ذات بُعدٍ فكري، كما أصبح منهم مديرا لوحدة فكرية في إحدى الجامعات، والآخر في المجال البنكي، وآخرون في مواقع العمل، وهذا يدل على أن الإنسان على نفسه بصيرة، إذ إنه يمر بموقف يتوقف فيه عن العطاء فترة بسبب اجتهادات فردية، كانت يوما من الأيام في صفحات حياته، لكنه لا يمكن أن تقف به حجر عثرة دون تقديم العطاء والإبداع، كيف وقد تعلم هؤلاء وأمثالهم في برامج إدارة الوقت والتأهيل الاجتماعي والنفسي، مما يجعلهم يواصلون العطاء دون توقف، واليوم عندما تحتفل رئاسة أمن الدولة بمنسوبيها في الدمام، بشخصية تخرجت وصدقت في الثبات على المنهج والولاء لهذا الوطن، فإنها بذلك ترسل رسالة إلى غيره من الذين تورطوا وعادوا إلى المنهج الوسطي والمعتدل، والذي تميزت به هذه البلاد عن غيرها في رعاية من انخرط في الفكر الضال، إذ أنشأت لهم المدارس الفكرية المتخصصة، وهيأت الدعاة والمناصحين ورجال الاجتماع والنفس والثقافة، حتى يعيشوا بينهم ومعهم خلال فترة الرعاية والتأهيل التي يمضي فيها الواحد قرابة الشهرين والثلاثة، في منشآت هيأتها رئاسة أمن الدولة في عدة مناطق، منها الرياض وجدة والدمام، ويعيش العائد مثلا من مناطق الصراع فترة تأهيلية أبوية حانية من دولة حريصة على كل مواطنيها، وما إقامة ومشاركة العاملين في أمن الدولة في احتفال عرس الشاب الصفار إلا أنموذجا لعدد من الشباب الذين تخرجوا وسنراهم كما رأينا غيرهم في ميادين العمل، ليثبت هؤلاء أنهم -بإذن الله- لبنات صالحة في منظومة وطن الخير، وهيأت لهم الدولة فرصة الاندماج في المجتمع، بعيدا عن بعض الأنظمة في العالم، والتي تعدّ هؤلاء نشازا في المجتمع، لكننا نحن في بلد يرعى هؤلاء حتى يسهموا في مسيرة التنمية، ونفع أسر هؤلاء ورعايتهم، والتواصل معهم حتى بعد زفافهم وتخرجهم، والله الهادي إلى سواء السبيل.