أنت لست دائما مؤهلا لأن تكون معلما، هذه هي الحقيقة التي وضعت من أجلها ما يسمى برخصة المعلم، التي يقاس قبل منحها مدى أهلية المعلم للتدريس كل أربع سنوات في العالم الذي أدرك تماما أن المعلم، قبل المبنى وقبل المنهج، هو المؤثر الأكبر على الطالب، فإذا لم تتأكد من سلامته العقلية والنفسية وإمكاناته المعرفية والمهارية فلن يكون لديك تعليم.
هل وزارة التعليم بعد كل هذا التاريخ ما زالت تعتمد على اختبارات كفايات المعلمين التي يعتمدها مركز قياس، ولا يسمح حتى اليوم للباحثين بالاطلاع عليها، وتعتبر أن الرخصة التي صدر بها قرار من مجلس الوزراء وتم الانتهاء منها ليست بهذه الدرجة من الأهمية؟ إذا كانت الإجابة نعم إذن فلتحتمل كل النقد الذي وجه لها لأنها فصلت معلما.
تابعتم الهاشتاق الذي تصدر في الأيام الماضية تويتر، وربما يصدر بسببه قرار بإعادة المعلم، فقراراتنا الآن أصبحت تعتمد على ترند تويتر، أو كما يقول الدكتور ملفي الرشيدي بحسب الترند يكون العقاب.
ما كان لهذا الهاشتاق أن يصدر ولا حتى أن تصبح هذه قضية لو كنا فعلنا رخصة المعلم، وقلنا لكل من يريد أن يسترزق من مهنة التدريس ما قاله الأمير خالد الفيصل، التعليم ليس للارتزاق.
التعليم مهنة تحتاج لأشخاص مؤهلين ومتفق على سلامتهم العقلية والنفسية، والعقد شريعة المتعاقدين، فإذا أردت هذه المهنة المميزة كن أهلاً لها ليس فقط حين تنضم، بل طوال سنوات عملك، سيتم فحص قدراتك كل أربع سنوات كما يحدث في كل دول العالم.
لو أن كل معلم دخل لهذه المهنة بعقد يتضمن ما سبق لما ضرب طالب في مدارسنا، ولما تسرب معلمون وطلاب، وخرجنا شبابا سلموا من الأمية ولم يسلموا من الجهل.
أقول هذا وكنت معلمة وأعرف أنه سيوافقني آلاف المعلمين في السعودية ممن يعرفون أن من زملائهم من هو غير قادر لألف سبب على أن يكون معلما، وتحميه اللوائح والأنظمة، أو لأنه لم يضرب أحدا جسديا بعد، وإن كان ضرب قلوبا صغيرة شتى وأوجع عقولا شتى، بل كان وبالاً على زملائه بتقاعسه وإفساده الحصص، وافتعاله المشاكل، وهدره الوقت ورغبته في الاستعراض، بل وحتى بتأليب الطلاب على المعلم الجاد، ودفعهم للسخرية منه فقط لأنه يغيظه المهمومون بالتدريس والتحضير ونتائج طلابهم وتفوقهم.
إنك لن تكون مهنيا وأنت تتعامل مع وظيفة المعلم بالعاطفة والبكاء وعبارات مثل «قطع الأرزاق»، ثم تنحني وأنت متألم من مخرجات التعليم السعودي.
إن الرؤية والمنافسة والعصر الحديث كلها تطالبك برخصة المعلم، فعلها، ولا تخش شيئا، فما ينفع الناس يبقى وأما الزبد فيذهب جفاء.