جدة: منال الجعيد

فيما يلجأ كثير من الناس إلى المواقع الصحية والطبية بحثا عن المعلومة بكل أشكالها وألوانها، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الوقوع في دائرة الوهم، شددت وزارة الصحة على ضرورة التأكد من موافقة الوزارة على الحسابات والمواقع التي تقدم المشورة الطبية، مؤكدة فرض عقوبات على الجهات المخالفة، تحدد من لجنة المخالفات، وتشمل غرامات مالية، أو السجن، أو سحب الترخيص، أو بها مجتمعة.

تشخيص الإنترنت
ذكر تقرير نشره موقع businessinsider أن «دراسة أعدها مركز بيو للأبحاث توصلت إلى أن 35 % من الأميركيين يلجؤون إلى الإنترنت لتشخيص عللهم الصحية، وذلك باستخدام مواقع مثل WebMD، وMayo Clinic، و Everyday Health وأضاف، أن «تشخيص نفسك على الانترنت بإفراط قد يشكل معضلة صحية، فمثلا البحث السريع في جوجل عن كلمة «كحة» يعطيك مجموعة متنوعة من التكهنات، وعند بحث الأعراض على موقع WebMD يظهر أكثر من 50 نتيجة لكلمة «كحة»، تراوح في شدتها بين الزكمة العادية وسرطان المريء، والأمر نفسه ينطبق على البحث عن «تخدر إصبع القدم»، فتشخيص الإنترنت لها ربما يدفعك إلى الاعتقاد بأنك مصاب بأي شيء من نمو ظفر داخلي في إصبع القدم، إلى ورم في الحبل الشوكي، وحتى السكتة الدماغية».

تشابه الأعراض
يقول مستشار الإعلام الصحي الصيدلي صبحي الحداد لـ«الوطن»، إن «المواقع الصحية والطبية ربما تأتي في المراتب المتقدمة من حيث التصفح واستقاء المعلومة، إذ يلجأ الغالبية إليها، وهي كثيرة ومتنوعة، ومنها ما هو مرجعي ومعتمد ويتبع جهة علمية أو أكاديمية، ومنها ما هو فردي أو تجاري أو عشوائي».
وأضاف «البعض عند الشعور بمشكلة أو عارض صحي يستسهل الدخول إلى مواقع الإنترنت، ويعرض مشكلته، أو الأعراض التي يشعر بها طالبا تشخيصها، وأحيانا يشخّص بعض الناس حالاتهم بعد أن يلاحظوا تطابق أعراضهم مع الأعراض المذكورة في الموقع، ويستخدمون بعد ذلك العلاجات المذكورة في الموقع، وهنا مكمن الخطورة»، مشيرا إلى خطأ الاعتماد على الإنترنت في التشخيص والعلاج دون الرجوع إلى أهل الاختصاص من الأطباء.

القلق الصحي
أوضح التقرير أن «الباحثين في كلية لندن الإمبراطورية قدّروا أن زيارات عيادات المستشفيات بسبب القلق الصحي الذي انتاب الزوار من الإنترنت كلّف المعهد الصحي الوطني 420 مليون جنيه إسترليني «2.109 مليار ريال» في السنة الواحدة»، مشيرا إلى أن الخبراء وصفوا حالة الذين يتابعون مواقع الإنترنت بحثا عن المعلومة الطبية، ويصابون بالقلق بـ cyberchondria. وأضاف، أن «الباحثين في كلية الجراحين الملكية بإنجلترا اقترحوا على الأطباء كتابة هوامش على التشخيصات في الإنترنت، يوضحون تفصيلات عن المرض المذكور، والإحصاءات الخاصة به، ومع ذلك يرى كثيرون أن توافر المعلومات الصحية على الإنترنت ليس بالأمر السيئ، فالتكنولوجيا أعطت وسيطا مثاليا للملايين كي يهتموا ويحافظوا على صحتهم».


التوهم المرضي
أوضح استشاري الطب النفسي الدكتور علي زائري، أن «الإنترنت مصدر غير موثوق في تشخيص الأمراض، فأعراض الأمراض المنشورة في مواقع علمية، قد تكون كتبت من أشخاص غير متخصصين»، مشيرا إلى أن استقاء المعلومات الطبية من الإنترنت قد يكون راجعا إلى القلق، وهو أكثر ما يعانيه الجمهور في الطب النفسي. وأضاف «من الخطأ أن يشخص المرء حالته المرضية عبر الإنترنت، فقد يكون لديه عرض طبيعي، فيقرأ في الموقع عن أمراض مختلفة، وبالتالي يدخل فيما يسمى بالتوهم المرضي، خاصة أن كثيرين لديهم قناعة بصحة ما يقرؤونه في الإنترنت».
وحدد الزائري عوامل أخرى قد تدفع المرء إلى البحث عن التشخيص عبر الإنترنت، وقال إن «البعض قد يقبل على التشخيص عبر الإنترنت لضعف المادة، وعدم القدرة على زيارة الطبيب، وقد يكون المرض في ثقافة البعض محرجا مثل الضعف الجنسي وأمراض الجهاز التناسلي، إضافة إلى عدم حصول المريض على الإجابة الشافية من الطبيب الذي قام بتشخيصة وصرف الدواء دون شرح تفاصيل الحالة له، وفقا لما تقتضيع الأعراف الطبية».

التداوي الجوجلي
نصح الحداد بعدم التعاطي أو التداوي الذاتي عبر معلومة الإنترنت، أو ما يسمى «التداوي الجوجلي» دون استشارة المتخصصين، مشددا على ضرورة أخذ المعلومات من مصادرها الصحيحة، وعدم الانسياق أو تصديق كل ما يقال عشوائيا، أو تجريب العلاجات الوهمية أو المخاطرة باستعمالها، أو التعاطي مع الخلطات مجهولة التركيب والمصدر، أو تصديق مقولة إن تلك التركيبات عشبية لا ضرر منها، وإنها إذا لم تنفع فلن تضر.