الطفلة زينب ذات الست سنوات اختُطِفت أثناء سيرها لمدرسة تحفيظ القرآن في الباكستان، وجِدت زينب بعد أيام من فقدها في مكب النفايات بعد اغتصابها وقتلها. هذا السيناريو المتكرر في مواقع مختلفة من العالم، أشعل غضب الشعب الباكستاني بسبب تهاون السلطات في التحقيق بالحادثة. مطالبات بإيجاد المجرم ومعاقبته أشد عقوبة. لو افترضنا أنه تم القبض على هذا الحيوان البشري، وحُكم عليه بأشد العقوبات، هل هذا سيوقف تكرار قصة زينب وأخواتها؟
عند نشوب حريق في مصنع مثلا، الحل الفوري هو كيفية إطفاء الحريق. لكن الحل الأساسي للمشكلة هو كيفية منع نشوب الحريق من الأساس بتوفير أدوات السلامة وإقامة دورات أمن للعاملين، حتى لا تكون هناك خسائر مادية وبشرية.
لو أن أشد العقوبات هي الحل الأمثل لمحو هذه الجرائم، لكانت الجرائم انتهت في السعودية بعد القبض على مغتصب قاصرات جدة لأكثر من 6 سنوات. كان من المفترض أن ما لقيه من تشهير والقتل تعزيرا يكون كفيلا بحل المشكلة.
لكن في حقيقة الأمر، معدل الاعتداء على الأطفال في تزايد، وذلك وفق آخر دراسة أجراها الدكتور ماجد العيسى نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري في عام 2014.
ما يطالب به الشعب الباكستاني الآن هو الحل الفوري لنتائج المشكلة وليس الحل الأساسي للمشكلة. نحن لا نحتاج أن نطفئ النار، نحن نحتاج أن نمنع نشوبها.
فكيف لنا أن نمنع تكوّن الحيوان البشري من الظهور؟
لمعالجة المشكلة يجب أن ننظر إلى الجذور أولا، وذلك بدءاً بمعالجة المصنع البشري الأول (المنزل). فالمنزل هو مصنع سلوك وتصرفات الفرد، والفرد هو مكوّن للمجتمع وصانع له.
بالرغم من أن الأمراض النفسية والعصبية، من دوافع هذا النوع من الجرائم إلا أنها ليست بالكثيرة. فأكثر مرتكبي جرائم الأطفال يعانون من خلل أخلاقي وسلوكي يكون في أكثر الحالات مكتسبا من البيئة. ذلك الخلل ينشأ نتيجة عنف في المنزل يدفعهم إلى الشارع وإدمان الأفلام وهي البيئة الخصبة لصناعه الوحوش البشرية.
إن كنت ضامنا أيها الأب وأيتها الأم أنكما لا تصنعان في بيتكم وحشا بشريا، فقد تصنعان ضحية بدلا من ذلك. المشترك بين قضية زينب وقاصرات جدة وغيرها هو غياب الأهل سواء كان غيابا جسديا أو عقليا، وانعدام التعامل والتصرف الصحيح للطفل مع الغرباء. الواضح من تسجيل كاميرات المراقبة لهذه الجرائم أن الأطفال يستسلمون للمجرمين استسلاما تاما، والذهاب معهم دون إدراك العاقبة. إحساس الوالدين بالأمان التام للمحيط وعدم توقع سلوك مريب من الأقارب والجيران يساعد أيضا في خلق الضحية. دراسة الدكتور ماجد العيسى أظهرت أن 90% من حالات الاعتداء أو التحرش بالأطفال تكون من الأقارب و10% من الغرباء. إن كنت حزينا على زينب وأهلها وغاضبا من المجرم، فيجب أن تنظر إلى وضعك أولا، فقد تكون في مصنع منزلك تصنع مجرما أو ضحية في هذه اللحظة.