من المقرر أن تجري محافظة كركوك انتخابات محلية في 12 مايو القادم، للمرة الأولى منذ عام 2005، غير أن كركوك المتعددة الأعراق والثقافات أصبحت -أكثر من أي وقت مضى- أشبه ببرميل من البارود.
وللمحافظة عليها من «الانفجار»، يتعيّن على السلطات العراقية والكردية نزع فتيل التوترات بسرعة، والتوصل إلى توازن مستدام، وفي هذا الصدد، ستحتاج إلى بعض المساعدة من الخارج.
وفي 20 أكتوبر، ذكّرت وزارة الخارجية الأميركية بقوة جميع الأطراف بضرورة الحُكم المشترك في كركوك، وغيرها من المناطق الأخرى المتنازع عليها، إذ قالت: إن إعادة تأكيد السلطة الفيدرالية على المناطق المتنازع عليها، لا يغيّر وضع هذه المناطق بأي شكل من الأشكال. فهي ستظل موضع نزاع إلى أن يتم إيجاد حل لها، وفقا للدستور العراقي. وإلى حين يتوصل الطرفان إلى اتفاق، نحث كل منهما على إجراء تنسيق كامل بغية ضمان الأمن وإدارة هذه المناطق. ومنذ ذلك الحين، حافظ الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة على بعثة استشارية عسكرية صغيرة في قاعدة «K-1».
والآن، يتعيّن على واشنطن أن تضع الأسس البلاغية والعملية لسياسة أميركية طويلة الأجل في كركوك.
أما الظروف الحالية، فتختلف كثيرا عن الأيام التي كان يوجد فيها أكثر من 100 ألف جندي أميركي. ولكن ضرورة وجود مراقب عسكري دولي، والحاجة إلى التنسيق في كركوك لم تتضاءلا. ومن ثم، ينبغي إنشاء «آلية أمنية مشتركة» مع فريق عمل رفيع المستوى يجمع مكتب المحافظ، ومجلس المحافظة، و«بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق» (يونامي).
إضافة إلى ذلك، ينبغي وجود «مركز تنسيق مشترك» مع «مقر دائرة شرطة كركوك» في القاعدة الجوية الإقليمية في مدينة كركوك، بهدف تضافر جهود القوات الاتحادية وقوات المحافظة والقوات الكردية. وسينصب التركيز الأولي لهذه الآلية الجديدة على تطوير تعاون أفضل قبل الانتخابات المزمع إجراؤها هذا العام.
أمّا المسألة الأكثر تعقيدا، فهي إذا كان سيتم إجراء انتخابات في كركوك، فمتى وكيف سيتم ذلك؟
وأيّا ما كان الأمر، يتعيّن على الولايات المتحدة وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، أن يشجّعا المشرِّعين الاتحاديين العراقيين على إدراج ترتيبات لكركوك في مشروع قانون انتخابات المحافظات الذي يقومون بتعديله حاليا. وقد طلب مجلس النواب العراقي من مجلس كركوك توفير مدخلات بشأن هذه المسألة، غير أنه لا يمكن استقاء أي مساهمات، إلا بعد استئناف الهيئة المحلية عملها.
وعلى المدى البعيد، يجب على الائتلاف ألا ينسى الاتفاق العرقي الأساسي الوارد في المادة 140 من الدستور العراقي، الذي دعا إلى حل النزاعات المتعلقة بالملكية ومقر الإقامة، وإجراء إحصاء سكاني، واستفتاء حول المستقبل الإداري لكركوك، فضلا عن التغييرات المحتملة في الحدود. كما ينص الدستور بوضوح على أن حقول النفط في كركوك يجب أن تُدار من الحكومة العراقية، لذا يتعيّن على جميع الأطراف الموافقة على هذا الشرط خلال المفاوضات التي تدعمها الولايات المتحدة.
وقد يكون من المفيد إعادة النظر في هذا الخيار، في ضوء التطورات المحورية في كركوك، إذ إن خطر معاودة ظهور «تنظيم داعش»، ونشوب صراع جديد بين القوات الاتحادية والكردية، يبرّران وجود بعثة مراقبة أميركية مستمرة.
مايكل نايتس*

* زميل في برنامج «ليفر» - (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط) - الأميركي