أدعو وزارة التعليم إلى وضع برنامج، بالتعاون مع مصممين سعوديين، ليضعوا خطة لتفعيل تصميم المدارس، وجعلها مكانا للمرح والتعلم
لا تحتاج إلى أن تكون مهندسا معماريا أو متذوقا للفن، حتى تدرك أننا نعيش أزمة فنية بكل ما للكلمة من معنى،
بل إننا أحيانا نشاهد الفلل السكنية وتصاميمها متشابهة إلى حد مخيف، وأحيانا الفكر كذلك.
المباني المدرسية بحاجة إلى رؤية وطنية 2030 خاصة بها، حتى تجنح بالتصاميم في مدارس الأولاد، خصوصا الفتيات، إلى أن تكون ذات تصميم جذاب ومختلف.
المدارس تشبه السجون، أسوارٌ عالية، ومدارس البنات نوافذها امتلأت بالقضبان الحديدية في كل مكان، وهذا خطر جدا، خصوصا من ناحية السلامة، في حال حدوث حريق، لا قدر الله، ولنا في كارثة مدرسة البراعم الأهلية الشهيرة في جدة عام 2011، مثالٌ.
المدرسة مكان للعلم والتعليم، والحق أن تصاميمها الحالية فاشلة، ولا ترقى إلى مستوى المملكة وتطلعات القيادة الحازمة المتنورة.
لا أنسى كذلك سكن الطالبات والطلاب في جامعاتنا السعودية، إذ بعض حارسات الأمن يتعامل مع الفتيات وكأنهن مجرمات، يسألونهن عن كل صغيرة وكبيرة، ولا احترام للخصوصية، وأنهن بصدد فتيات جامعيات في بيئة تعليمية يفترض بها الترفع عن مثل هذه التصرفات، بل بعض حارسات الأمن يصل بها التشدد إلى حد أن تفتش جوّالات الطالبات في مخالفة قانونية صريحة.
فقد «ورد في نظام الحكم الأساسي المادة 40، أن المراسلات البرقية، والبريدية، والمخابرات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال، مصونة، ولا تجوز مصادرتها أو تأخيرها أو الاطلاع عليها أو الاستماع إليها إلا في الحالات التي يبينها النظام».
كذلك نص المادة 41 من نظام الإجراءات الجزائية التي تنص على «للأشخاص والمساكن حرمة تجب صيانتها، وحرمة الشخص تحمي جسده وملابسه وماله وما معه من أمتعة، وتشمل حرمة المسكن كل مكان مسور أو محاط بأي حاجز أو معد لاستعماله مأوى، وكذلك نص المادة 56 من نظام الإجراءات الجزائية للرسائل البريدية والبرقية والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال، فلا يجوز الاطلاع عليها أو مراقبتها إلا بأمر مسبب، ولمدة محددة، وفقا لما ينص عليه هذا النظام».
ألا يجب هنا على الوزارة أن تضع لائحة ما، تنظم حقوق الطلاب والطالبات، ولا تترك الأمر لممارسات الجامعات، والتي بطبيعة الحال تحتاج إلى قانون يضبط ممارساتها تجاه الطلاب والطالبات.
عودا على موضوع التصميم وأهميته، فإن الباحثين يشيرون إلى أن التصميم والبيئة يؤثران بشكل فاعل على مدى تعلم الطالب واستيعابه «Earthman, 2004»، بل إن تصميم الفصول ربما يحفز المشاعر نحو التعلم والشعور بالأمان، وبالتالي استيعاب أكبر. كذلك فإن المحللين يذهبون إلى أبعد من ذلك بالقول: إن تصميم الفصل ربما يجعل الطالب يركز على المادة أو يشتت ذهنه «Yeung, Craven, & Kaur, 2014».
التصاميم المفضلة، هي تلك التي تكون فيها مداخل المدرسة والفصول لافتة وجميلة، وتوجد مساحات خاصة وعامة هادئة للاستذكار، وهذا يحسّن الشعور بالدعم المتبادل والاتحاد بين الطلاب والمعلمين، مع إيلاء اهتمام خاص لتنوع الألوان «McGregor, 2004».
على صعيد متصل، فإن التصميم الفقير يقوض عملية التعليم، إذ لا تكون هناك تهوية جيدة، ولا إضاءة كافية للقراءة، ولا أدوات يمكن استخدامها بكل أمان ويسر وسهولة «Yeoman 2012».
لذا، فإنني أدعو وزارة التعليم إلى وضع برنامج بالتعاون مع مصممات ومصممين سعوديين، ومختصين تربويين، ربما درسوا وتخرجوا في برنامج الابتعاث، ليضعوا خطة لتفعيل تصميم المدارس، وجعلها مكانا للمرح والتعلم.