هذه المرة ليس بالقدر الجيني كما زعم تيلو سارازين؛ أن الله يخلق طوائف من البشر فصنف واط وصنف عال، يقفز فيه الألمان إلى سدرة الذكاء، وينحدر فيه الأتراك البؤساء إلى خانة المغفلين البلهاء.
لا.. هذه المرة ليست أقوال سارازين بل نسمع من هولندا ما هو أسوأ بدرجات، من رجل يقال له جيرت فيلدرز (Geert Wilders) يقول: إنه ضد الإسلام علنا وصراحة بدون مواربة ونفاق، وإنه يسعى لتحريم القرآن كما حرم من قبل كتاب (كفاحي) لهتلر؟ لأن الإسلام أيديولوجية أشد نكرا من الشيوعية والفاشية، ويدعو لتطبيق غرامة ألف يورو (خمسة آلاف ريال) للمرأة التي تغطي رأسها، والرجل صديق حميم لبني صهيون، بنى حزبا عام 2006م باسم حزب الحرية (PVV) عمره 47 عاما، استطاع أن يحوز أصوات مليونين من الهولنديين المخدوعين، وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين، ويكسب حزبه 15,5 % من الأصوات، ويسكت عنه التحالف الحاكم من حزبي اليمين الحر والمسيحي الديموقراطي.
وفي المقابلة التي أجرتها معه مجلة دير شبيجل (45\2010م) يزعم فيها الرجل أنه متفوق ثقافيا ولا يشاطر سارازين الألماني رأيه في التوزيع الجيني للذكاء والغباء، بل المشكلة تدور حول النسبية الثقافية.
وحين يسألونه ماذا تريد أن تفعل مع سكان أهل دن هاج (Den Haag) ونصفهم مهاجرون أكثرهم من المسلمين؛ حيث يسكن هو محروسا برهط من رجال البوليس الأشداء على مدار الساعة، يكون جوابه أنه ليس عنده مشكلة مع المسلمين أو سواهم ولكن مشكلته مع الأيديولوجية الإسلامية الشمولية العنيفة التي لا تسمح لوجود المختلف، ومن لا يعتقد بما جاء في القرآن يعتبر كافرا عقوبته القتل.
في الوقت الذي نقرأ في القرآن من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ونجد فيه لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، ونجد فيه أيضاً إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم.. والمسيحيون في بلاد الشام ولبنان والعراق وكردستان أكثر من رمال صحراء الدهناء، فمع الكفر ثلاث مرات لم يذكر القرآن القتل مرة واحدة كما زعم جيرت الهولندي؟ إنها مشكلة من لم يقرأ القرآن ويطلع عليه.
وحين يسأله الصحفي لماذا يعادي الإسلام؟ يقول: انظر إلى منطقة الشرق الأوسط هل تجد من دولة قانون أو صحافة مستقلة؟
وبذلك فهو يخلط بين البشري والإلهي، والمثال والفعل، والتاريخ والدين، فالبشر يصعدون ويهبطون، ويتعبون ويتخلفون، ويخطئون ويسيئون ويصلحون، ولكن الإسلام مبدأ متعال، ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور؟ وكل المجتمعات أيا كان دينها تمر في هذه المطبات التاريخية فتصعد أو تهوي في مكامن الرذيلة والقصور الذاتي، وفي يوم قطع هنري الثامن ملك بريطانيا وإيرلندا وما جاورها خمسة رؤوس من رؤوس زوجاته الست.
والسؤال الفعلي هو لماذا تحديدا الآن تندلع هذه العاصفة النارية من كراهية الإسلام وأهله في أوروبا؟ وما هي خلفية هذه الأشياء؟ هل هي عارضة زائلة؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟ ثم ما هي النتيجة التي سوف تتمخض عنها الأمواج الجديدة من العنصرية؟
فأما جييرت فيلدرز فواضح في كلامه، ويقول حين يسأله الصحفي عن زرع الكراهية، أنه أشد الناس كراهية ومقتا من السياسيين الأوروبيين، ولكنه محبوب حين يثير مثل هذه المواضيع المختلف فيها، فكلما كانت المواضيع أمعن في الظلام اشتدت الشعارات.
فيكون جوابه إنه رجل لا تهمه الكراهية والحب، بل هو يبحث عن الحقيقة؟ أنا أخوك يا وضحة
ولكن هل الحقيقة شق الأمة وصدع الصفوف وزرع الكراهيات؟
إنها برمجة الحرب أليس كذلك؟
في نهاية المقابلة يوجهون له هذا السؤال: ألا تظن نفسك بحزبك هذا تخوض معركة خاسرة للحضارة الغربية التي يشيخ جيلها، وينقرض نسلها، وتختنق أحزابها نفاقا ورياء وكذبا وسحتا؟ أهذه طريقة للخلاص؟
يكون جوابه لقد لفت نظري أن أكثر الأسماء للمواليد الجدد في بريطانيا في العام الفائت كان محمدا، إنني لست ضد المواليد الرضع المسلمين، ولكن إذا كان الاسم المفضل والمحبوب للبريطانيين هو محمد فهي مشكلة، وعلى أوروبا أن تنهض متحدة القوى، ويجب أن نقول للعالم الإسلامي كفاية هي كفاية، سوف ندافع عن أنفسنا وبطرق ديموقراطية..
إنه كذاب أشر أليس كذلك؟ متهافت الحجة، مريض بالعنصرية مثل مستنقعات الأمازون.. ينقصه الحب والتعرف على الإسلام؛ فالإنسان عدو ما يجهل، ولا ننسى حريق اليورو الممتد على طول القارة العجوز، ولذا كان لا بد من كبش فداء؟ وهو هنا الأجانب..
أيها الأجانب أنتم سبب مصائبنا.. ولنتذكر قصة الحمار وحيوانات الغابة فهذه لها قصة طريفة مستقلة، أو قصة عدالة شيلم فهي أفظع.
يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون..