زين العابدين الغامدي

تختلف رؤى السياسة اليوم في الواقع العربي ومشهد السياسية المتدهور يوما بعد يوم. والتطور اللافت للنظر،
هو أن الشرق الأوسط كله أصبح تحت رحمة ميليشيات عسكرية لا تنتمي إلى مؤسسات الدولة والأنظمة العربية، وما زالت تلعب بالنيران في كل اتجاهات. تحركها تجمعات وطوائف متباينة الرؤى والإيديولوجيات، ومخالفة للمعهود في السياسة الدولية، وهي أخطر تطور عرفه المشهد العربي في السنوات الأخيرة. ميليشيات الحشد العراقي، وميليشيات الحوثيين، وميليشيات «داعش»، وغيرها في ليبيا، وهي كثيرة وكبيرة، وأقدمها وأصلها ميليشيات حزب الله اللبناني، والتي أصبحت من زمن بعيد تحكم قبضتها على لبنان وتوجهاته السياسية المعادية للعرب، خصوصا السعودية التي أصبحت مرمى أهداف تلك الميليشيات، ولا أدل على ذلك من استهدافها -بكل جرأة- الأراضي السعودية بالصواريخ الباليستية عن طريق الحوثيين في اليمن.
حرب الوكالة هي السائدة اليوم، وأكبر وسائلها الميليشيات التي تتظاهر بعدم الانتماء، وحقيقة الأمر أن كل ميليشيا تتبع دولة أو دولا.
الواقع السوري تحكمه ميليشيات إيرانية مختلفة من إيران وحتى العراق، وانتهاء بلبنان، الولاء كل الولاء للطائفة والحزب والتمدد الفارسي في عواصم الدول العربية التي ضعفت فيها الجيوش، وأصبحت لا تقوم بنفسها إلا في ظل اتحادات يقوي بعضها بعضا، ولا يمكنها الاستقلال بنفسها في الدفاع عن أراضيها وحدود دولتها، بسبب التشكيلات العسكرية التي تتطور يوما بعد يوم، شهرا بعد شهر، سنة بعد أخرى، بدعم قوي ومستمر يزيد بمليارات الدولارات عن ميزانيات الجيوش العربية.
إن الخطر القادم والماثل في وجه الوجود العربي ووحدته، يكمن في تلك البؤر السرطانية التي تنتشر وتتمدد بشكل مقلق ومخيف، وهي تمارس البلطجة وتنشر الفوضى في الوطن العربي بأكمله، وإذا لم تتم محاصرتها والتضييق عليها والقضاء على طرق تمويلها -مهما كلف الأمر- فالمصير هو بعثرة الأوطان واستنزاف القوى البشرية والمادية، وعدم الاستقرار والحروب الدائمة المدمرة.
إن أولى الأولويات التي يجب التركيز عليها هو القضاء على تلك الميليشيات الخطرة لأنها أذرعة للأطماع الفارسية وغيرها في منطقتنا العربية، وإلا فسيبقى الوطن العربي مهددا بهذا المرض الخبيث الذي لا يمكن استئصاله بسهولة ويسر، سيما في ظل تشرذم عربي، وتغوّل أجنبي، وأطماع فارسية لا تخفى.