فيما نعاصر الفورة المعلوماتية المتمثلة في منصات التواصل الاجتماعي، يبرز لنا المهم والأهم والأقل وعديم الأهمية من المواد التي يبثها الملهمون. ولكن: هل هم ملهمون حقا؟
هناك عدد لا بأس به من الأشخاص المؤثرين إيجابيا على مختلف فئات المجتمع، ولكن هنالك أيضا عدد أكبر ممن يحمل هاتفه الذكي ليؤثر سلبا على الصغار قبل الكبار، بفكرهم المتنكر في حلة إيجابية.
نرى أطفالا ليسوا بالأطفال، فهم صغار في العمر تكبدوا مهمة سباق الزمن للوصول إلى ما وصل إليه ملهمهم أو ملهمتهم «المفضل/ة»، شخصيا، أطلق عليهم «الهدامون والهدامات».
إن مهمة الآباء والأمهات باتت شبه مستحيلة في ظل هذه الانبثاقة المعلوماتية. فالمربي الذي يوجّه ويقنن تعرض طفله للمحتوى الإلكتروني أصبح يطلق عليه «معقد وصارم ومتزمت»، لا بأس أن يكتسب الأب والأم هذه الصفات في وقتنا الحالي، لأن بعض هذه المواد هدامة.
لفتني تصريح إحدى الملهمات، بأن الزواج أصعب من أن تتصور نفسها فيه، فهو بمثابة قيد يكبّل المرأة عن ممارسة واختبار أمور من حقها أن تمارسها!
هذه العبارة والتصور في مجمله يتسم بالسُمية، لأن الزواج قد يشكّل إضافة جميلة لحياة الزوج والزوجة. نعم، قد يكون قيدا في حال رمى الشخص بحياته القديمة وراء ظهره، ليعلّق آملا وتطلعات غير واقعية على شخص واحد، لماذا لا ننظر إلى القيد ذاته على أنه رباط استثنائي، ونحن المسؤولون عن جعله مثمرا أو هداما.
أظن أن الملهمة تتحدث عن منهجها الخاص الذي ستتبعه في حال تزوجت، وما كان من حديثها مجرد فضفضة وحديث نفس بصوت مرتفع. الزوج إنسان وليس جهة رسمية راعية للمواهب والتطلعات والرغبات والأحلام.
فإن نُظر إليه على أنه الحياة بأكملها، فستسقط حياتك وحياته، ولكن إن نُظر إليه كإضافة شريك في حياة الشخص، فسيمضي المتطلع والمتأمل قدما، آخذا بيد الآخر معه نحو النجاح.
لا أعلم من المخطئ، الملهمون أم من يتابعهم، فنحن من صنعناهم ونحن من سيلغيهم، إن شاء الله. فلنتق وننصت بوعي لما يحسّن إدراكنا ويزهر مجتمعاتنا.