كل امرأة تستحق أن تشعر بإحساس الحب، ذلك الحب غير المشروط بعهد أو إثبات، شعور سرمدي يسمو بالأرواح ولن يطالها من على الأرض

جاء مقال الدكتور عوض العمري (طبيبة للزواج) بتاريخ 19 نوفمبر الجاري، في ذات اليوم الذي خضت فيه نقاشا مطولا مع ذات الفئة التي وصفها بالمسترجلين في مقالته، واقتبس من تلك المقالة «يصادفنا بين الفينة والأخرى ظهور بعض النعيق وتلك الأصوات النشاز التي أخرت تطورنا لعقود، منها وسم هل ترضى أن تتزوج بطبيبة؟ ومن المضحك المبكي أن مسترجلي تلك الهاشتاقات معظمهم من الفئة غير المنتجة، ويقضون أوقاتهم في التسدح والتبطح بين الاستراحات».
أرغب بإضافة مكان آخر لتواجدهم وهو قروبات الواتساب تحت قناع الثقافة والأدب والشعر. هناك فئة لا أعلم حجمها، أتمنى أن يكون ما سمعت ورأيت نادر الحدوث ولا يمثل الرجل العاقل والحكيم. جل ما فهمت من ادعاءاتهم هو أن المرأة مكانها الأول والأخير المنزل، وأن لا حاجة لها للعمل نظرا لوجود الخادمة والسائق، فبنظرهم أن المرأة في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت تخرج للعمل لأنها مجبورة على ذلك، أما اليوم فلا!
لم يحزني غير ذلك الفكر الأعوج بالتقول على الله تارة وعلى رسوله تارة أخرى، بالإضافة إلى فئة ليست بالقليلة أطلقت عليها- اسم (النساء المنبعجات)، فالمرأة (المنبعجة) هي كل امرأة تعلم في قرارة نفسها أن ما تطالب به حق من حقوقها وشرع لها في الدين السمح، إلا أنها تحاول جاهدة رفض ودفع هذا الحق عنها كمحاولة يائسة لاستجداء رضا الرجل المتبطح. ولن يرضى عنها ولن يرفعها مكانا دون الأخريات ببساطة لأنها ناقصة عقل ودين، فإن جميع الهتافات الزائفة التي يوجهها هذا الرجل إلى (المنبعجة) هي مجرد (تسكيتة تخدم هدفه)، فهو يعاملها معاملة الأطفال.
هم رجال يحفظون أجزاء من آيات الله دون المرور على معنى الآية كاملة، فيأخذون ببعضها -ما ينفع حجتهم- ويسقطون ما يعكر ذلك الفكر المتطرف. المثير للاهتمام أنهم ذكروا أن المرأة كرمها الله تعالى في بيتها، وأنها بخروجها من منزلها للعمل والاختلاط تصبح منحلة، فما أجمل تلك المرأة التي صانت نفسها وبحيائها زانت!
بكل بساطة طلبت من هؤلاء الأشخاص أن يأخذوا زوجاتهم إلى طبيب (رجل) لا امرأة لكي يدعموا مبدأ منع الاختلاط المحرم ووقار المرأة في بيتها، فكيف للرجل أن يأخذ زوجته إلى امرأة منحلة؟ لم أجد إجابة بالتأكيد.
فيما نرى ونمر ببعض هذا الفكر الأعوج في حياتنا يبرز العديد من الرجال العقلاء ممن يحقون الحق ويضعونه في موضعه مثل دكتور (عوض) كاتب المقالة و(عائض)، ذلك الأب المثالي الذي سيكون الحب الأول والأخير في قلب ابنته، لأنه ببساطة الرجل الذي برز وسط الزحام ليدافع أن ابنته الطبيبة بقول «المرأة من حقها أن تُمارس كل مباح، والفاصل هو أخلاقها وتربيتها، فكلامكم هذا ينم عن خوفكم من أن تصبح المرأة ندا للرجل.. أنا ابنتي دكتورة وند لكل من معها.. أين المشكلة؟».
لمثل هذه النوعية من الآباء، أنتم من خلفتم ولن يموت ذكركم لأن بناتكم سيعشن كريمات في حياتكم وواقفات على أطلالكم بعد رحيلكم-حفظكم الله-.
إن كل امرأة تستحق أن تشعر بإحساس الحب، ذلك الحب غير المشروط بعهد أو إثبات، شعور سرمدي يسمو بالأرواح ولن يطالها من على الأرض.
أبي أنت الرجل الذي لطالما افتخر بذكري لدى العالمين، ورآني عظيمة وأنا لديهم من الصاغرين. لكل أب كن لابنتك (عائض).