حتى اليوم ومحمد علي كلاي، أسطورة الضربة القاضية، هو اللاعب الوحيد الذي فاز ببطولة العالم للوزن الثقيل ثلاث مرات، في عام 1967 رفض الانضمام للجيش الأميركي والمشاركة في الحرب على فيتنام، فسحب اللقب العالمي منه، ومنع من المشاركة في أية مسابقة، في طول أميركا وعرضها، إضافة إلى منعه من السفر خارج البلاد، واستمر ذلك حتى منتصف 1970. خيسوس كلاي كان يملك الخطابة والإرادة والسرعة والروح والثقة الكاملة، وقبضتين أشد من بعضهما، كان يقال إن ضربة منهما بوسعها أن تحرك شاحنة.
«الأبطال لا يصنعون في الحلبات، الأبطال يصنعون من شيء عميق في داخلهم، مثل الرغبة والحلم والرؤية»، قال هذا كلاي، وهو لم ينتصف المشوار، في طريقه نحو التتويج برياضي القرن 1990.
حسنا ما الإصابة في مقتل في حياة كلاي؟ كان يمكن أن يموت فعليا بطل كهذا في حادث سيارة، أو بالسقوط من فوق بناية، أو حتى بطعنة في شجار شوارع، ولم يكن كل هذا يرقى لصبغه بهذا الوصف. لقد بقي حيا حتى عام 2016 ولكنه في النصف الأول من الثمانينات بدأ يشعر ببعض الآلام الغريبة، أخيرا قال له الأطباء بأنه مصاب بشلل الرعاش، وهذا ما تعنيه كلمة الإصابة في مقتل بالضبط، القبضتان اللتان تسحقان كل شيء لم يعد أمامهما الكثير من الوقت حتى يفقد السيطرة عليهما تماما، فبعد سنوات قليلة من اعتزاله كان خيسوس محمد عاجزا عن استخدام يديه في تناول كأس ماء، ورفعه إلى فمه.
روبن ويليام منح مشاهدي السينما حول العالم السعادة والضحك ليالي وأياما، وشاشات لا تعد، لكنه يصاب بنوع حاد من الاكتئاب المروع، وهذا أيضا ما يسمى بالإصابة في مقتل، لينتهي به الحال منتحرا في منتصف بيته.
قصة أخرى لسيدة اسمها «أليس» أمضت حياتها الدراسية مختصة في ملاحقة اللغة والكلمات، صارت أستاذة جامعية بارعة في مجال اللغويات، ومن بين كل الأمراض تبدأ في النسيان وفقدان التعبير، يفلت منها ما تريد قوله. وأيضا يخبرها الأطباء بأنها مصابة بالزهايمر، تضطر للتنحي من وظيفتها ومكانتها، وفي مرحلة متقدمة من هذا المرض المهين، يصير من الصعب عليها حتى أن تجد الجملة التي تصف بها حاجتها للذهاب لدورات المياه، والتي نسيت مكانها أصلا، وأخيرا تتبول على نفسها، هذا هو أيضا ما تعنيه الإصابة في مقتل.
هل تصاب كذلك المجتمعات في مقتل؟
ضع تواريخ الخمسينات الميلادية وما قبلها، وخذ عالما من صور الحياة الحافلة التي كانت عليها أغلب بلدان المشرق العربي، ومعها إيران وأفغانستان أيضا، طالعها وقل متى وأين وكيف أصيبت هذه البلدان في مقتل!