محمد الجهني

يعد المعلمون والمعلمات أكثر موظفي الدولة عملا وإنجازا وأهمية، فهم الكادحون الذين يعملون بصمت وإخلاص لتنشئة وتعليم الجيل وتكوين وتأسيس المواطن الصالح بالعلم النافع، بعيدا عن كل الشبهات الفكرية والحزبية، ووفق المناهج الدراسية والخطط المدرسية والتربوية والحضارية والرؤية الوطنية لوطننا الغالي المملكة العربية السعودية.
فالمعلمون يعملون في أجلّ المهن وأشرفها، ويعلمون الطلاب العلم بكل وسائله الحديثة. فالمعلم يحضر للمدرسة مبكرا ويستقبل الطلبة ويؤدي معهم الطابور الصباحي ثم يذهب معهم إلى فصولهم والطلبة يجلسون على كراسيهم المعدة لهم والمعلم لا يجلس، بل يؤدي حصته واقفا على رجليه ومتابعا لطلابه ومتنقلا بينهم لمدة خمس وأربعين دقيقة، وهذه تتكرر كل يوم لمدة خمس مرات عند أغلب المعلمين والمعلمات الذين نصابهم 24 حصة في الأسبوع كما هو مقرر من قبل الوزارة، إضافة إلى المراقبة اليومية ومتابعة الطلاب في الفسح وبين الحصص وحضور الدورات وحصص الانتظار، ولا يخرج من عمله إلا الساعة الثالثة ظهرا، ولا يتوقف عمله عند هذا، فعليه التحضير لدروس الغد وتوفير الوسائل المختلفة، فالمعلم عمله متصل به في المدرسة وخارجها.
فإذا كان أغلبية موظفي الدولة يعملون جسديا أو فكريا فالمعلم أكثر عملا، فهو يعمل جسديا على رجليه ومستخدما يديه في الإشارات، ومنتبه ويقظ بصريا وسمعيا وفكريا وعقليا وقلبيا وبكل الحواس والأعصاب، فهو يختلط مع الطلاب بكل أجناسهم وثقافاتهم وتربيتهم، فالمعلم يقوم بمهام كثيرة تحت اسم معلم، فهو شمعة الحياة يحترق ليضيء للآخرين، ورغم ذلك نجد من ينتقد المعلمين بحثا عن الشهرة أو الأضواء، وهو بعيد كل البعد عن الواقع الميداني لعمل المعلم.
لذلك أقترح على كل من يريد أن ينتقد المعلم أن يشاهد طبيعة عمله على الواقع ويقوم بزيارة مدرسة ثانوية فيها أكثر من ألف طالب ويشاهد كيف المعلمون المراقبون الذي لا يتجاوز عددهم خمسة معلمين غالبا كيف ينظمون هذا الجمع في الفسح، وعليه أن يمر في الفسحة من بين الطلاب ويسمع تعليقاتهم ويشعر بالضجيج الذي يكون في المدارس ويتقبله المعلم بكل حب وصبر، من ينتقد عليه أن يرافق معلما إلى مدرسته النائية في المناطق الوعرة ويعيش المعاناة على الواقع والذهاب إلى المدرسة يكون بعد الفجر أو قبله، وذلك حتى يصل إلى مدرسته وطلابه في الوقت المناسب، من ينتقد المعلم بعيدا عن الواقع عليه زيارة مدرسة ابتدائية ويدخل في الصفوف الأولية في فصل فيه 45 طالبا ويشاهد المعلم كيف يعلم النشء الصغير بطريقة تربوية مميزة، وعليه ألا يتأفف.
أضف إلى ذلك فالمعلمون يتعرضون لعدد من المعوقات، فالراتب وسلم الرواتب لا يوازي الجهد الذي يقومون به، والمستويات والدرجات تتوقف وقد يعمل سنوات بدون علاوة، لا بدل سكن ولا تأمينا طبيا ولا مستشفيات ولا رتب وتدرج وظيفيا ولا حوافز ولا دورات خارجية ولا نوادي لهم ولا حفظ لحقوقهم ومكانتهم ممن يتعدى عليهم بالنقد الجارح.
ويجب ألا ننسى إذا تقاعد المعلم تكون المكافأة لا تتعدى تسعين ألف ريال وفي بعض الشركات والمؤسسات الحكومية الأخرى يقترب من المليون مكافآت متقاعديها، رغم أن المعلم علم الجميع وصاحب الفضل بعد الله. كل هذه الأشياء قللت من مكانة المعلم اجتماعيا وأطفأت حماس بعض المعلمين، وقللت من الرضا الوظيفي لدى البعض. ورغم كدح المعلم والعقبات التي تواجهه تجده صابرا مبتسما أنيقا عاملا مخلصا محتسبا الأجر من الله، عز وجل، ومحبا للوطن الغالي المملكة العربية السعودية وقيادته الحكيمة. لذلك يتمنى المعلمون من وزير التعليم العمل على إصدار قانون صارم يحمي المعلمين ويعاقب كل من انتقدهم نقدا جارحا غير واقعي، ويعطي للمعلم حماية تليق به وبمكانته، فالمعلم نور يستضاء به.