التشويش الثقافي مصطلح إعلامي يشير إلى قيام أي شخص بتحريف عمل إعلامي، سواء كان لافتة في الشارع، أو صورة، أو لوحة فنية، عن طريق إضافة تغيير بسيط عليها، أو إذا كانت المنصة رقمية تعديلها بالفوتوشوب وغيره من الأدوات. والتشويش الثقافي عبر ذلك التعديل أو التحريف الضئيل في المحتوى يكون عادة ممارسة تعاكس السائد والمسلّم به من الأفكار، ممارسة تستفز كبار المجتمع والمتحكمين بأمواله وكيانه لإبراز نوع من الفردية في الرأي، ووضع اعتبار لما يفكر فيه المجتمع نفسه بدلا من الإعلاميين أو النخبة. وغالبا ما يعتمد «الجامرز» أو ممارسو التشويش على إضافة تغيير بسيط لصورة أو محتوى إعلامي مع ترك معالمه الرئيسية كما هي، ولكن هذا التغيير البسيط جدا يحدث ثورة ضد المعنى والغاية من المادة الإعلامية المتاحة، مما يشوش ذهن المار من عنده أو المشاهد له، وهو بالتالي يلفت الانتباه إلى الأفكار والعمليات اللاواعية لدى الأشخاص، لاسيما حين يتعلق الأمر بعلاقة المستهلكين بعلامة تجارية ما، أو علاقة الجمهور بصورة نمطية محددة.
تناول عدد كبير من الباحثين هذه القضية، لعل أحدهم «تيم جوردن»، من جامعة برايتون في بريطانيا، ووصف التشويش الثقافي بمعاداته للاستهلاكية والرأسمالية والاستحواذ على المال العام، ولكنه يشمل أيضا جوانب ثقافية، مثل فوقية البيض، أو هيمنة الخطاب الغربي مقارنة بغيره من الخطابات. فالتشويش الثقافي بالتالي قادر على إفساد البروبجاندا والدعاية بطابع التهكم والسخرية، ساعيا إلى إحداث تغيير سلوكي وأثر سياسي واجتماعي، لذلك يلجأ إليه غير الراضيين والأقليات المضطهدة للتعبير عن آرائهم بإبداع وفن، ودون أي تكاليف في مجمل الأحيان.
 أحد الأمثلة السعودية الجميلة على ذلك هو ما كتب عنه غازي القصيبي، حينما أهدى الأميرة ديانا لوحة تشكيلية لها وهي ترتدي الحجاب، رسمت بأنامل الفنان أحمد المغلوث. وفي تلك الهدية الرمزية بعد فلسفي عميق يرتبط بالتشويش الثقافي، حيث إن الإعلام الغربي كثيرا ما يمثّل الحجاب بسلبية، ويربطه بالأقلية المسلمة المتشددة في الغرب، أما ما قام به هذا الفنان السعودي فهو مناهضة لفكرة فوقية عن طريق إضافة تغيير بسيط على صورة ديانا السائدة والشهيرة، ودمج الحجاب على رأسها.
يذكر أن تلك اللوحة حظيت بشهرة واسعة في أوروبا وأميركا آنذاك، تم الحديث خلالها عن المملكة العربية السعودية وحضارتها وثقافتها. هذا النوع من الفن الذي يأخذنا نحو العالم، ويجعل العالم يلتفت إلينا هو ما نحتاج أن نملكه، وأن نستعرض أسباب نجاحه علميا، لكي نعيد مجده، ونستفيد من جوهره مرات عديدة.