أقول لهؤلاء الذين يثيرون البلبلة والفوضى في المجتمع بإشاعاتهم المغرضة عندما تُقَر الحقوق لمستحقيها، لا تُقاس المسائل بالنتائج، لكن بمدى احترام تلك الحقوق

تطل علينا الكثير من الأخبار الكاذبة لتختبرنا، ولتدرس ردود أفعالنا، ولأن هذا الأسلوب أصبح هو السائد، أي نشر الشائعات، أصبحنا لا نصدق أي شيء، ونصدق كل شيء في الوقت ذاته، اتخذت الإشاعة مكانها الأقوى في حياتنا اليومية، خاصة ونحن نعيش عصر الأقنية الإعلامية الجديدة والمتنوعة، وأصبحت تسير أمورنا في ظل غياب أي جهد للتحقق من مصدرها، وفي ظل صعوبة هذا التحقق أصلا بسبب تكاثر الشائعات، ولذلك نكتفي بالرد على هذه الإشاعات بالنفي على طريقة: «كشف مصدر مسؤول أن ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي غير صحيح»! قبل أيام تناقلت? مواقع التواصل الاجتماعي إشاعة مغرضة مفادها إلغاء الأمر السامي بشأن قيادة المرأة للسيارة عبر مقطع فيديو مفبرك لم يصدر عبر وكالة الأنباء السعودية أو القنوات الرسمية، الأهم في? الموضوع ليس في زيفه?وضعف سبكه?وانعدام مصدره، بل ا?هم?من ذلك كونه ليس بريئا ولا نابعا من مخيلة ناشره، بقدر ما هو امتداد لمعركة من طرف واحد بطلها لم يعد يخفى على ذي لب، وحتى لا يأخذ الموضوع زخما أكثر من كونه مجرد إشاعة مغرضة لا ترقى إلى مستوى التعاطي معها، سأوجز في الرد،
أولا: التغيير له خصومه التقليديون، هؤلاء نجدهم يرفضون التغيير، لخوفهم منه، أو خشيتهم من الغامض القادم، أو لأنهم مستفيدون من الوضع القائم، فيدافعون عنه، لأن التغيير قد يقلل من وضعهم في المعادلة الاجتماعية، وتظل هذه الفئة رافضة للتغيير تصور الويل والثبور وعظائم الأمور القادمة بسبب القرار، فيسعون إلى إفشاله عن طريق بث الشائعات وتضخيم الأحداث الصغيرة. ذات الجدل الذي جرى بعد إقرار قيادة المرأة للسيارة في معظم دول العالم في السبعينيات الميلادية، وذات الجدل حصل بعد تعليم المرأة أيام الملك فيصل -رحمه الله- ثم استقامت الأمور، وأصبحت اعتيادية، فلا سماء سقطت، ولا أرض انبلجت، بل أصبحت أمرا محمودا عند الكثيرين.
ثانيا: من الأهمية بمكان التأكيد على ضرورة تفعيل الأنظمة المعنية بمكافحة الجرائم المعلوماتية؛ إذ إن ترويج الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا يزال مستمرًا، وعلى نطاق واسع، وبالرغم من صدور هذا النظام، ووجود عقوبات مشددة فيه، إلا أن الشائعات لا تزال تتردد بقوة عبر مواقع «واتساب» و«تويتر» و«فيس بوك» وغيرها من المواقع الإلكترونية. ويرجع استمرار ترديد البعض للشائعات وتداولها إلى جهل البعض بهذا النظام، لذا يجب تسليط الضوء على هذا النظام بشكل كاف، إذ إن وسائل التواصل الاجتماعي تحولت بشكل كبير إلى مصدر أساسي للشائعات، لا سيما عندما يتم استخدام الصور والفيديوهات الملفقة والمفبركة كإحدى الأدوات في هذه العمليات. ويخضع بث هذه الشائعات وتداولها لعقوبة السجن مدة لا تزيد على سنة، وغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال طبقا للمادة الثالثة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، لأن محتواها هو التشهير، وقد يندرج تحت المادة السادسة حسب محتوى الشائعات. وعقوبتها السجن مدة لا تزيد على 5 سنوات، وغرامة لا تزيد على 3 ملايين ريال.  أخيرا أقول لهؤلاء الذين يثيرون البلبلة والفوضى في المجتمع بإشاعاتهم المغرضة عندما تُقَر الحقوق لمستحقيها، لا تُقاس المسائل بالنتائج، لكن بمدى احترام تلك الحقوق، وإنهاء كافة أشكال التمييز الناتج عنها.