استكمل اليوم ما طرحته في المقالة السابقة عن حرمان المرأة من المناصب السياسية (خاصة في مجتمعنا العربي) وإقصائها عن دائرة صنع القرار لأسباب واهية كرستها الصور النمطية للأنثى التي حرمت

استكمل اليوم ما طرحته في المقالة السابقة عن حرمان المرأة من المناصب السياسية (خاصة في مجتمعنا العربي) وإقصائها عن دائرة صنع القرار لأسباب واهية كرستها الصور النمطية للأنثى التي حرمت الكون كله من نصف خبرات وتجارب الإنسانية الكامنة في المرأة وعقليتها المرتبطة بالحكمة والحنان والتفاني والصبر، وأولا وأخيرا الدبلوماسية الأنثوية التي تغلف طبع المرأة الرقيق. إنها الحكمة التي أدارت بها المرأة مملكتها وتربى عليها أطفال الأرض. ودعونا ننظر بعين الإنصاف كيف يبدو العالم اليوم بفعل السياسة الذكورية، ومزاعم تفوق الرجل وتفرده! ألا يدفعنا ذلك إلى التفكير في ما آل إليه حال العالم والشعوب؟ أليس الرجل هو المسؤول الأول عن الكوارث السياسية والحروب؟ إذا لماذا تسلم مقاليد السياسة لمن أثبت في معظم الأحوال فشله؟ ، ولماذا لا يقدم الرجل استقالته ويتنحى عن عرش السياسة ولو لبرهة لنرى كيف سيصبح العالم على يد الأنثى حين تمارس أمومتها للعالم والشعوب؟ لماذا لا يسمح بتأنيث السياسة والأرض أنثى (Motherland)، والحنان والأمان والحب أنثى؟.
وانعكاسا لذلك، وبفعل القوة الضاغطة للحراك النسوي في المنظمات النسائية التي جاهدت وتجاهد (بدلا عنا طبعا!) في سبيل نيل المرأة حقوقها، أصبحت مشاركة المرأة في العمل السياسي مطلب كثير من الحكومات في جميع أنحاء العالم لوضع الأمور في نصابها، ولإصلاح الخلل في معادلة تمثيل الرجل والمرأة السياسي التي يبز فيها الرجل المرأة وترجح كفته. وما لجوء بعض الدول إلى ما يسمى بالـكوتا Quota أي تحديد حصص كل من الرجل والمرأة في المناصب السياسية والمقاعد البرلمانية، إلا ضمن هذا الإطار، وكتنفيذ لتعهداتها ببذل كل السبل لتحقيق نسبة الثلاثين في المئة التي حددتها الأمم المتحدة لتمثيل المرأة في السياسة بحلول عام 2005، وهو العام الذي قررت فيه وزارة الخارجية إسناد مهام وظيفية وإدارية للمرأة السعودية كمرحلة أولى (بيد أنها طالت كثيرا) من مراحل تفعيل دورها السياسي ومشاركتها في صنع القرارتنفيذا لبنود وثيقة عدم التمييز ضد المرأة (سيداوCEDAW) التي وقعتها المملكة حتى قبل كثير من الدول المتقدمة!، مما يعكس رغبة صادقة في تمكين المرأة وإعطائها حقوقها.
لقد حان الوقت لتستعيد المرأة أمومتها للعالم، وللوطن، ولو حتى عن طريق (الكوتا) بقرار سياسي يطيح بالنظرة الإقصائية للمرأة التي أعمت المجتمع عن الصورة الناصعة والمشرفة للمرأة السياسية عبر التاريخ. وعلينا ألا ننتظر أن يتنازل الرجل عن حفنة من الوظائف المهمشة في أروقة الخارجية لتكون ظله دوليا كما كانت على الدوام ظله اجتماعيا.
والمرأة بلا شك قادرة على غسل السياسة القذرة، وتطهيرها من أوزارها لأنها تجسد الأمومة الطبيعة الأنثوية التي هي الفضاء الأرحب لتناقضات البشر وأخطائهم، ورغبات الشعوب وأحلامها. ولا أجمل عندي من أغنية للوطن يرددها الجميع واصفين إياه بالأم ومصبغين عليه كل صفات الأنثى.
إذا فمن أحق بالوطن؟