عبدالله الغامدي

المتأمل لمشهد التدريب وسوق العمل وخطط المستقبل الوطني اليوم لا يملك إلا أن يبارك التوسع في التدريب في كل الاتجاهات..
خمسون جزيرة تمتد على طول شريط البحر الأحمر الشمالي تحتاج سواعد مؤهلة لإنشاء بنيتها التحتية والفوقية، وتشييد مبانيها وتشغيل مرافقها وصيانة وحداتها.. مشروع ملياري بهذا الحجم كفيل بابتلاع خريجي التدريب التقني عاما بعد عام، وإحداث حراك تدريبي متميز يعانق آمال الوطن والمواطنين..
لا يوجد اليوم تخصص تقني أو مهني لا يحتاجه الوطن، سواء على مستوى المهن التي لا تحتاج إلى مستوى متقدم من التأهيل، أو التخصصات التقنية المعقدة التي تحتاج إلى تدريب دقيق وساعات تطبيق ممتدة ومشاريع تطبيق تحاكي بيئة العمل الفعلية.
الشرط الأهم في منظومة هذا التوسع في تقديري يمكن اختصاره على شكل معادلة بسبطة مفادها (متدرب راغب وواع للمستقبل + تدريب فعال + توظيف أولويته الشاب السعودي المؤهل = تنمية مستدامة وخير للجميع)..
مشاريع القطار والمطار و(الاندرقراوند) ومشغلي الطيران الجديد ومصانع الهيئة الملكية ومشروع القدية القادم ومدن الترفيه والسياحة والفنادق المستحدثة في المدينتين المقدستين كلها أمثلة لمشاريع تحمل خيرا كبيرا للشباب الباحث عن العمل، الموقن بقيمة المهنة، المستعد لخوض غمار رحلة التميز من أول ساعة في حياته المهنية..
ربما أن الجديد في مشاريع اليوم هو اعتمادها بشكل قوي على عنصر الإبداع مع احتفاظها بثوابت العمل وخططه.. لذلك فمن المألوف اليوم أن يرى الباحث عن العمل إعلانا وظيفيا يلمح من ضمن شروطه عبارة القدرة على الابتكار والإبداع وخلق بيئة عمل تنافسية، وما هذه الشروط في تقديري إلا استحقاقات فعلية لطبيعة المرحلة التي تتكئ على أبعاد مهمة جدا تسمى: إقناع المستفيد بطرق مبتكرة، وإرضاء العملاء بجودة ملحوظة، ومزاحمة المنافس من خلال خلق ما لا يوجد لدى الغير والتميز والتفرد عن الأقران..
الثروة النفطية رغم أهميتها في تاريخ الاقتصاد السعودي المتين لن تكون في المستقبل أكثر حظا من باقي روافد الإيراد الحكومي من القطاعات المختلفة، وهذا الأمر مشجع للغاية لكل الشباب المقبلين على دور التدريب من الجنسين.. فحينما يقوم مدرب ما بإخبار المتدربين منذ يومهم الأول في الوحدة التدريبية بأن رؤية الدولة الجديدة تقوم على المساعدة في رفع الاقتصاد المحلي من خلال المنتجات غير النفطية (سلع وخدمات)، ومن خلال استحداث بدائل متنوعة للدخل فإن هذا الأمر سيكون بمثابة دفعة قوية لهؤلاء الشباب للتشبث بهذه الوحدات والحرص على التميز الدراسي رغبة في الحظوة بمقعد مهني مستقبلي يليق بالطموحات التي ارتسمت في مخيلاتهم وراودت أفئدتهم..
المشهد الحالي مبشر بحول الله.. ومنافسة الشاب السعودي وإن كانت صعبة في البدايات إلا أن إثباته لابتكاريته وتفرده من خلال التدريب الفعال والخبرات الأخرى المدفوعة والتطوعية ستخلق مناخ عمل صحيا للغاية، ينمو عاما بعد عام لخير الأوطان ورفاهية الإنسان شريطة الإتقان من قبل الجميع، ثم التفاني والإحسان.. لذا فإن دور التدريب بجدر بها أن نرفع شعارا مختلفا اليوم مفاده (تدريب الحاضر.. لتدبير المستقبل).