لا أفهم كيف جاز لبعض البرلمانيات البريطانيات تجاوز مهامهن الأساسية؟! ولا أفهم كيف جاز لهن أن يتدخلن بشؤون دول ذات سيادة؟! لا أفهم كيف اعتقدن أنهن قادرات على تجاوز القنوات الرسمية للمملكة العربية السعودية
الذي أعرفه أن أعضاء البرلمان البريطاني يُنتخبون من الشعب البريطاني ليمثلوا مصالحه واهتماماته في مجلس العموم البريطاني، فقد صوت لهم لهذا الهدف، وتصل لكل منهم مخصصات لهذا السبب أيضا، وبالتالي لا ينبغي لهم تجاوز هذه المهام لغيرها، ومن هنا لا أفهم كيف جاز لبعض البرلمانيات في هذا المجلس تجاوز مهامهن الأساسية؟! ولا أفهم كيف جاز لهن أن يتدخلن بشؤون دول ذات سيادة؟! لا أفهم كيف اعتقدن أنهن قادرات على تجاوز القنوات الرسمية للمملكة العربية السعودية، وبشكل علني كما فعلن؟! بل كيف جاز لهن الإعلان عن ذلك؟! فقد (عرضت 14 برلمانية في مجلس العموم البريطاني استعدادهن لمساندة الحركة النسائية في سبيل تحسين أوضاع المرأة في السعودية على صعيد حرية السفر والدراسة وتلقي العلاج الطبي دون وصاية ذكورية، جاء ذلك في رسالة بعثتها النائبة عن حزب المحافظين سارة ولستون) إلى امرأة يقال إنها سعودية تعيش خارج البلاد وتأتي يوميا إلى ساحلنا الشرقي لتعمل في شركة تعد من أكبر الشركات الوطنية، ولتنال من المميزات المالية والصحية والاجتماعية ما لا يمكن لها أن تناله خارج أرض الوطن، تعيش من خير هذه البلاد، وتعلن كرهها وبغضها لسكانه ولنظامه، والذي لم أستوعبه لم مازالت تعمل في المملكة العربية السعودية؟! ولم لا تبقى خارج أرض الوطن وتعمل حيث تعيش؟! فمشاعرها ومواقفها تلزمها بذلك.
ومن ناحية أخرى أتساءل ما هي مصلحة الناخب البريطاني من تدخل البرلمانيات المعنيات في شأن المرأة السعودية، وهل هو من سيدفع التكاليف المترتبة عليه؟! خاصة أننا كوطن لم نطلب منهن العون ولم نطرق أبوابهن، ولو كانت هناك حاجة للاستعانة بخبراتهن لفعلنا ذلك عبر القنوات الرسمية، فتعاون الشعوب على اختلافها أمر سام لا أنكر أهميته وضرورته، إلا أن ذلك لا يعني تدخل هؤلاء أو غيرهم في الشأن الوطني للدول، ولا العمل على المساس بسيادتها الوطنية، فالتعاون المتوقع بدول ذات شأن كبريطانيا قائم على الاحترام المتبادل.
إن هؤلاء البرلمانيات البريطانيات أصدرن قرارهن بالتدخل في شأن المرأة السعودية كما يظهر بشكل ارتجالي، وكان الأجدى بهن انتظار دعوة أو طلب زيارة مجلس الشورى السعودي، لمعرفة رأي المواطنة السعودية في هذا الشأن، وكان بإمكانهن حينها زيارة جامعات سعودية أهلية وعامة لمعرفة رأي الشابة السعودية في سياستهن تلك، فالمرأة السعودية ليست فاقدة الأهلية، وليست بحاجة لأوصياء من مجلس العموم البريطاني أو من غيره، ولديها خيارات خاصة تستمدها من تعاليم دينها ومصالحها الوطنية، ولها طموحات تسعى لتحقيقها بعيدا عن التدخلات الخارجية.
ولا أعني أنه لا وجود لأصوات وطنية تطالب بإيقاف عادات وتقاليد اجتماعية لا أصل شرعي لها، أو تحديث بعض القوانين، إلا أن ذلك من الشأن السعودي الداخلي ويمر عبر قنوات رسمية معتمدة تتوافق معطياته مع تعاليم ديننا الإسلامي، الحصن الذي نحتمي به ونلجأ إليه في ديننا ودنيانا.
أما فيما يتعلق بحق المرأة السعودية من تلقي العلاج الطبي دون موافقة ولي أمرها، فأنقل إليهن ما جاء على لسان المتحدث الرسمي في الوزارة الدكتور خالد مرغلاني من خلال اتصال أجرته صحيفة الوطن السعودية، عام 1430/ 2009، مع الدكتور مرغلاني والذي نفى اشتراط توقيع ولي الأمر على العمليات الجراحية الاختيارية للمرأة، مؤكداً بأن القرار أولاً وأخيراً يعود إليها، وأشار إلى عدم وجود إجراءات تنظيمية في وزارة الصحة تلزم المرأة بالحصول على توقيع أو موافقة ولي الأمر قبل خضوعها للعمليات الجراحية إلا في حالات معينة، في حين بينت الدكتورة سامية العامودي هذه الحالات بقولها: (إن القواعد الإسلامية وقوانين وزارة الصحة ـ السعودية ـ تسمح للنساء بالموافقة على الجراحة لأنفسهن، ما عدا بعض الحالات مثل ربط البوق إعقام المرأة.) أما اعتماد بعض المستشفيات لإجراء إداري يلزم توقيع المريضة ووليها قبل إجراء أي عملية، فتنظيم داخلي نابع من خوف الإدارة والأطباء من مطالبات قانونية يقيمها الأولياء في حالة حدوث مضاعفات صحية.
وفيما يتعلق بحرية المرأة في التعليم فقد ذكرت في مقال لي نشر عام 1429 في هذه الصحيفة، تحت عنوان (كامرأة سعودية أقول) عن: (استقلالية المرأة ـ السعودية ـ في اتخاذ القرارات المتعلقة بها.. فالقانون يحمي لها استقلاليتها في مالها وفي نفسها، وحتى دراستها الجامعية إذ لا يشترط موافقة وليها لإكمال دراستها في الجامعات السعودية، بل إن شهادتها الجامعية لا تسلم لوليها إلا بإقرار خطي معتمد منها بذلك، والمكافأة التي ينالها الطلبة ذكورا وإناثا في الجامعات الحكومية في السعودية، والتي تصل إلى ما يقارب (266) دولاراً شهريا، لا تسلم للولي بل تسلم للطالبة مباشرة، كما أن مجال تخصصها تقوم هي بتحديده ولا يشترط موافقة وليها..)
أما حرية سفر المرأة السعودية في السفر، فعليهن الاستفسار من تلك التي خاطبنها، كيف لها أن تدخل المملكة صباحا وتغادرها مساء وبشكل يومي، فهي تعمل في الساحل الشرقي كما ذكرت، وتعيش في دولة مجاورة للمملكة، كان يكفيهم هذا ليدركوا أن النظام سمح للمرأة السفر بمفردها في حال موافقة ولي أمرها، والذي يتحمل بدوره المسؤولية لو تعرضت لأي ضرر خلال سفرها هذا.. أما أنا فأكرر أني لا أقبل أن أسافر بمفردي دون محرم يونس وحشتي ويحفني برعايته واهتمامه.
وفي الختام أتقدم بالعزاء لأولياء أمور الطلبة البريطانيين الذي لقوا حتفهم جراء مظاهرات عمت بريطانيا بسبب قرار البرلمان البريطاني ـ مجلس العموم ـ زيادة رسوم التعليم الجامعي لثلاثة أضعاف ولتصل إلى 9000 جنيه إسترليني (أكثر من 14 ألف دولار)، كما اقترح على النائبة سارة ولستون وزميلاتها الاستعانة بخبرات وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، فالتعليم الجامعي العام مجاني ويقدم للطلبة مكافأة شهرية، أما التعليم الجامعي الأهلي فالوزارة تسدد الرسوم الدراسية للطلاب والطالبات السعوديين الدارسين فيها، فكلية الطب البشري وطب الأسنان تتكفل الوزارة بدفع (70.000) ريال حوالي (11700) جنيه إسترليني للطالب، وكلية العلوم الطبية والصيدلة والتمريض تدفع الوزارة (55.000) ريال، حوالي (9251) جنيها إسترلينيا للطالب، والهندسة والحاسب 45.000 ريال حوالي (7569) جنيها إسترلينيا للطالب، والعلوم والإدارة والقانون والتربية 40.000 ريال سنوياً، حوالي (6728) جنيها إسترلينيا، إضافة إلى البعثات الخارجية التي تكلف الدولة بدفع ضعف هذه المبالغ، أنصحهن بذلك فلعلهن يستطعن رفع معاناة الطلبة الذين من المؤكد أنهم سيحرمون من التعليم بسبب عوامل اقتصادية، ولا شك أنهن اطلعن على ما قاله طالب الدراسات العليا والناشط البريطاني جوناثان كولير ونشرته جزيرة نت من (أن الطلاب ومعهم العمال على اختلاف قطاعاتهم لن يقبلوا أن يكون التعليم حكرا على الأغنياء) فواجبكن الأساسي في هذا المجلس الموقر كما هو معلن، ينصب في الاهتمام بمصالح المواطن البريطاني..