قال تقرير لمعهد «brookings» للدراسات، إن جميع الدول تتفق على أن العالم سيكون أكثر خطرًا بمجرد تحقيق كوريا الشمالية لهدفها، وهو أن تكون قادرة على ضرب الولايات المتحدة الأميركية بأسلحتها النووية، مشيرا إلى أن الخطر لا ينبع من مقدرة كوريا الشمالية على ضرب أميركا بالأسلحة النووية، وإنما من احتمالية التحالفات الضعيفة والتصاعدات غير المسبوقة في شبه الجزيرة الكورية، مما يجعل الأمور قد تخرج عن السيطرة.
وأضاف التقرير أن إدارة ترمب تعتقد بأنه حتى قدرة كوريا الشمالية على ضرب الولايات المتحدة بالأسلحة النووية قدرة خطيرة جدًا ولا بد من منعها من الحدوث، لافتا إلى أن رد الفعل الأميركي مازال مجهولًا.
الضغط الشديد
حسب التقرير فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، هدد قبل أيام بإجراءات عسكرية قوية ضد كوريا الشمالية، متناسيا انتقام الأخيرة من حليفة الولايات المتحدة «كوريا الجنوبية»، في حال القيام بهذه الإجراءات العسكرية، كذلك هنالك اعتقاد بأن «الضغط الشديد» من قبل واشنطن وبكين وآخرين سيدفع بيونج يانج إلى طاولة النقاشات، والتي سيتبين من خلالها نيتها في إيقاف أو تجميد برامجها للصواريخ الباليستية والأسلحة النووية، مشيرا إلى هذا يتجاهل حقيقة أن نظام الزعيم الكوري الشمالي، كم جونغ أون، يرغب بشدة في تحقيق هذه القدرة على ضرب الولايات المتحدة بالأسلحة النووية، فيما لا توجد أي مجموعة من الحوافز التي قد تكون مقبولة لواشنطن وسيول والتي قد تدفع بيونج يانج إلى التخلي عن هدفه.
وأضاف التقرير، أنه عندما امتلكت كوريا الشمالية القدرة النووية، فقد بدا أنها ستستخدم تلك القدرة ضد الولايات المتحدة، مبينا أن خطورة قيام كوريا الشمالية بإطلاق أول قصف ضد الولايات المتحدة أو حلفائها «اليابان وكوريا الجنوبية»، تعتبر خطورة محدودة نسبيًا.
مظلة الولايات المتحدة
أشار مختصو الأمن في كوريا الجنوبية واليابان إلى خطورة أخرى أشد، حيث ذكروا، وفقا للتقرير، أن دولهم اعتمدت على أمنها الخاص بناء على التزامها مع الولايات المتحدة، وذلك باستخدام جميع السبل المتوفرة للدفاع عن أنفسهم من كوريا الشمالية، كذلك فإن اليابان وكوريا الجنوبية قد اختارتا عدم تملك أسلحة نووية لكونهما يثقان في مظلة الولايات المتحدة النووية.
وأضاف التقرير أنه مع اقتراب كوريا الشمالية أكثر من نجاحها، بدأت تتزايد شكوك كوريا الجنوبية واليابان في مصداقية الالتزام الأميركي، مشيرا إلى أن المشككين فاقموا الأزمة بتساؤلاتهم حول ما إذا قامت كوريا الشمالية بالهجوم على البلدين، فهل ستكون واشنطن قادرة على الانتقام بالأسلحة النووية، وهل ستكون واشنطن راغبة في المخاطرة بسان فرانسيسكو من أجل الحفاظ على سيول أو طوكيو؟.
تجربة الحرب الباردة
أوضح التقرير أن الولايات المتحدة واجهت هذه المخاوف من «الانفصال» في أوروبا خلال الحرب الباردة، خاصة بريطانيا وفرنسا، اللتين تعرفان أنه لا يوجد أي شيء آخر يضاهي القوات التقليدية للاتحاد السوفيتي السابق في أوروبا الغربية، حيث فضلتا امتلاك سلاحهما النووي الرادع الخاص بهما كاحتياط ضد خروج الولايات المتحدة عن أعصابها.
وفي جانب آخر، حسب التقرير، تمكنت الولايات المتحدة من إقناع ألمانيا الغربية في البقاء بدون أسلحة نووية، وذلك تطلب الكثير من الجهود، كما قادت إدارة أوباما حملة لإقناع قادة اليابان وكوريا الجنوبية على حذو خطى ألمانيا، وذلك بالاعتماد على تحالفاتهم مع الولايات المتحدة، مبينا أن هذه المهمة ستكون أكثر صعوبة مع اقتراب كوريا الشمالية من هدفها.
الخوف من الخسارة
وبين التقرير أنه في ظل هذه الأوضاع فقد ينتهي المطاف بالولايات المتحدة وهي في وضع الخاسرة، حتى وإن كان التعاون مع الجيش الكوري الجنوبي تعاونًا سلسًا، إلا أن أجزاء من المجتمع الكوري الجنوبي سيكون غير راضية، لافتا إلى أن ذلك سيقود إلى احتمالين الأول، أن يستنتج المحافظون في كوريا الجنوبية أن أميركا لم تكن صارمة بالشكل الكافي، ومن ثم التشكيك في عزمها بالمستقبل، والاحتمال الثاني، أن يستنتج التقدميون أن الولايات المتحدة كانت حازمة لدرجة أنها أصبحت بحاجة إلى دفاع استقلالي أكثر.
وقال التقرير «مهما حصل، فإن جميع الأمور ستمنح النصر لكوريا الشمالية والتي تثق بحقيقة أنها لن تخسر شيئًا إذا قامت باختبار عزم كوريا الجنوبية والآخرين»، مبينا أن كيفية التجاوب مع هذه الأمور سيشكل ثقة كوريا الجنوبية بالولايات المتحدة، حيث ستنقسم بين أن تكون ثقة جيدة أو سيئة.