الإنسان بطبعه يخشى من التغيير في أي شيء كان، ففي اعتقاده غالباً أن التغيير محفوف بالمخاطر، ويسوده الغموض، لأنه قد يتجه به نحو المجهول أو عدم الاستقرار.
الخوف من التغيير سمةٌ بشريةٌ عامةٌ تختلف حدتها من شخص لآخر، مع أن الخوف من التغيير قد يفوت الفرص، ويهدر الطاقات المتاحة التي يمكن الاستفادة منها بشكل أفضل مما هي عليه.
ذكر ولي العهد صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان أن القناعة يجب أن تصدر من السعوديين أنفسهم حتى يتم تحقيق التغيير لنبلغ في طموحاتنا عنان السماء.
التغيير ضرورة ملحةٌ يجب علينا أن نقتنع به، وليس خياراً متاحاً إن كنا نريد أن ننجح، ونتقدم في شتى مجالات الحياة، ونتغلب على كثير من العقبات والإشكاليات التي نواجهها الآن، بل إن التغيير هو الوسيلة الوحيدة المتاحة
لنا كي نستمر، وننتقل إلى حياة أجمل، ومستوى معيشي أفضل، ومستقبل أكثر إشراقاً.
واقع الحال يحتم علينا قبول المخاطر التي قد تصاحب التغيير، فلا توجد دولة في العالم نجحت سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي دون أن تبدأ بالتغيير، وتجعلَهُ منهجاً تسير عليه نحو الأفضل.
التغيير يبدأ بِنَا إن آمنا به، ويبدأ معنا إن سلمنا بضرورته، ولا يتوقف على من لم يقتنعوا به أو يرفضوه.
قد بدأنا بالتغيير منذُ إقرار رؤية المملكة 2030، فهي أولى الخطوات، ومن ضمن هذا التغيير إنشاء الهيئة العامة للترفيه لما يمثله قطاع الترفيه من أهميّة كبرى في تنمية الاقتصاد الوطني السعودي، ومنح المدن قدرة تنافسيّة دوليّة، ودفع الحكومة لتفعيل دور الصناديق الحكومية المختلفة في تأسيس وتطوير المراكز الترفيهية، وتشجيع المستثمرين من داخل وخارج المملكة العربية السعودية، وعقد الشراكات مع شركات الترفيه العالمية، وتخصيص الأراضي لإقامة المشروعات الثقافية والترفيهية من مكتبات ومتاحف وفنون وغيرها، فجميعنا على علم بما تم إقراره من مشاريع سياحية ضخمة، وما يتم تنظيمهُ من فعالياتٍ للترفيه منتشرة في أرجاء البلاد وفق ضوابطَ محددةٍ غير مسفة، ولا مخلةٍ، ويعود الفضل – بعد الله - في ذلك إلى التوجيهات والسياسات الحكيمة من قبل قيادتنا الرشيدة، والبرامج التي سنها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، والتي تتماشى مع رؤية المملكة 2030، كما لا يخفى على كل ذي لُبٍ أيضاً التغيير الكبير الذي قام به صندوق الاستثمارات العامة من الاستثمار داخل وخارج المملكة بهدف تنويع مصادر الدخل، والحد من الاعتماد على النفط كمورد رئيسي لإيرادات الدولة، مما سيسهم في تقليص عجز الموازنة العامة، وتحسين الإيرادات، وتحقيق الأهداف المرسومة، ولا شك أن هذا النوع من الاستثمارات قد يكون محفوفا بالمخاطر، ولكن يجب علينا عدم استعجال النتائج، والنظر إلى ما قد تحققه على
المدى البعيد، وألا تقتصر نظرتنا إليها على المدى القصير المحدود، كما يجب علينا مراعاة أبعادها، وأهدافها، واستراتيجياتها المدروسة.
الكلام يطول في ما تم تغييره منذُ بداية رؤية المملكة 2030، وما تم تحقيقه من إنجازات في وقت سريع، ونراها واقعاً، وما كان لها أن تتحقق لولا التغيير، والجهود الجبارة المبذولة، والقناعة الراسخة من القيادة الرشيدة بضرورة التغيير حتى وإن كان بعضها محفوفا بالمخاطر، فإن إبقاء الحال كما كان أخطر من المخاطر التي قد تعتري هذا التغيير.
سواء اقتنعنا بالتغيير أو لم نقتنع به يجب أن نعي أنه ضرورة ملحة، وقد بدأنا بأولى خطواته، ولن نتراجع عنه مهما صاحبه من مخاطر أو عقبات، سنغير واقعنا نحو الأفضل، وعنان السماء هي حد طموحاتنا.