ما تزال التقارير العسكرية والميدانية تتحدث عن اقتراب انطلاق عملية عسكرية للجيش التركي داخل الأراضي السورية، تزامنا مع الحشود العسكرية على الحدود السورية مقابل مدينتي إدلب وعفرين، إلا أن مراقبين يرون إمكان تأخر انطلاق هذه العملية، نظرا لاعتبارات جيوسياسية وأمنية واجتماعية، وغيرها.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أعلن أن بلاده عازمة على تنفيذ عمليات جديدة لتوسيع المناطق التي نجحت عملية «درع الفرات» في تطهيرها من «الإرهابيين» شمالي سورية العام الماضي، في وقت يرى محللون أن العملية المرتقبة ربما تكون أكبر من سابقتها بمرات عدة، نظرا لضخامة الحشد العسكري لها، وأهمية توقيتها.
وأد المحاولات الانفصالية
استنادا إلى تقارير إعلامية تركية، فإن هذه العملية التركية تهدف إلى تطهير المناطق الحدودية مع سورية من الجماعات الإرهابية، ووأد جميع المساعي الهادفة إلى تشكيل دويلة صغيرة شمالي سورية، فيما ترى أنقرة أن الميليشيات الكردية المدعومة أميركيّا، وتقاتل «داعش» في سورية هي امتداد للجماعات الكردية الإرهابية في الداخل التركي، وتتحرك بالأجندات نفسها التي تتحرك بها أخواتها.
يأتي ذلك، في وقت تشهد العلاقات التركية الأوروبية أسوأ حالاتها، بعد تجميد المفاوضات الثنائية لانضمام أنقرة إلى الاتحاد، وتصاعد التوتر مع ألمانيا، بسبب تداعيات المحاولة الانقلابية الفاشلة، وذهاب اتفاقيات ضبط تدفق المهاجرين في مهب الريح.
وساعدت هذه الأحداث المتصاعدة في المنطقة، أنقرة إلى تغيير بوصلتها نحو الشرق، إذ عقدت مفاوضات حثيثة لاستيراد منظومة صواريخ روسية متطورة من طراز إس 400، وهي خظوة فسرها مراقبون أتراك بأنها رسائل موجهة إلى أطراف عدة، أولها الولايات المتحدة التي ما تزال تبدي دعما لا محدودا للميليشيات الكردية من جهة، والاتحاد الأوروبي وحلف شمال «ناتو» من جهة أخرى.
تأييد العسكريين
في غضون ذلك، يسعى إدروغان إلى كسب ولاءات الجيش التركي بتقريب الشخصيات الكبرى واستبعاد أخرى، إذ أعاد الأسبوع الماضي هيكلة المناصب العليا في الجيش، وسرّح شخصيات أخرى، وذلك بالتزامن مع الذكرى الأولى للمحاولة الانقلابية الفاشلة العام الماضي، وهو تحرك يهدف إلى قطع الطريق أمام أطماع العسكر في السلطة، وكسب التأييد السياسي والعسكري لسياسة حكومته. وتأتي هذه التطورات في وقت تترقب المنطقة الإقليمية، خصوصا تركيا وإيران، الاستفتاء المزمع عقده في سبتمبر المقبل حول انفصال إقليم كردستان العراق عن حكومة بغداد، وما يمكن أن يشكل من تداعيات إقليمية ودولية أخرى في هذه المنطقة. وفيما يرى مراقبون أن الأتراك استطاعوا اجتياح منقطة الباب الحدودية مع سورية خلال 184 يوما، ونحو 6 أشهر لتشكيل منطقة آمنة لا تتجاوز مساحتها 3 آلاف كلم مربع، إلا أن المعركة المرتقبة ربما تكون معقدة وأصعب من السابقة، على اعتبار النفوذ والدعم اللذين أصبحت الميليشيات الكردية تمتلكهما في سورية من واشنطن مباشرة. كما تبقى معضلة مدينة إدلب السورية التي بدأت تمتلئ بالفصائل السورية المسلحة من جهة، والمتشددين من جهة أخرى، خصوصا في ضوء ورود معلومات تفيد بنيّة روسيا شن حملة عسكرية ضدها تتشابه مع معركة حلب.
3 تحديات أمام تركيا
- التهديدات الكردية في سورية
- تدهور العلاقات مع أوروبا وواشنطن
- تداعيات المحاولة الانقلابية الفاشلة