ظن بعض قراء مقالي الذي نشر هنا أمس، أنه مجرد تصفية حسابات مع تيار معين، ويقصدون التيار السروري أو الصحوي، والحقيقة هي أنه ليس لي أي خصومة أو ثأر مع أي تيار أو شخص مطلقا، لكن كل من وما أشعر أنه يسيء إلى الوطن، فإنني فعلا أشعر وكأنها إساءة إلى شخصي مباشرة، ولهذا فإنني أستاء جدا عندما أرى أي أحد وهو يقذف النفايات من شباك سيارته في الشارع، أو من يغادر ويترك نفايات نزهته في الحديقة أو على الشاطيء، أو يسيء استخدام أي منشأة من المنشآت العامة، فما بالك بمن وما يسيء إلى وحدة الوطن أو قيادته أو مكانته أو مواطنيه والمقيمين فيه، سواء كانت الإساءة نتيجة جهل، أو عن قصد ولهدف سيئ. فالجاهل يجب تنبيهه وتعليمه، أما المتقصد لأي هدف فيجب محاكمته وتطبيق العقوبات المنصوص عليها نظاما!.
قلت «العقوبات المنصوص عليها نظاما!»، فأين هي هذه العقوبات، وأين النظام الذي ينص عليها؟! غير موجودة، وهذا سبب ومنطلق مقالي بالأمس، لأن نظام حماية الوحدة الوطنية لا يرفضه إلا من يشعر أنه سيصيده ذات يوم، أو أنه جاهل بأهميته، وخطورة غيابه، وفي كل الأحوال يجب ألا يُستَشار في نظام كهذا جاهل أو مغرض، بل يجب استشارة المحبين لوطنهم، القادرين على التمييز بين الخطأ والصواب الإستراتيجيين، وهم كثر في وطننا، ومن الجنسين، سواء داخل مجلس الشورى، أو في الجامعات، أو في الديوان الملكي، حيث هيئة الخبراء والمستشارين، المؤهلين تأهيلا عاليا، ويملكون خبرة واسعة!.
تقول الدكتورة لطيفة الشعلان «عضو مجلس الشورى» في تغريدات لها على «تويتر»: على مجلس الشورى أن يسرع في تقديم نظام تجريم الكراهية والطائفية المقدم من عدد من الأعضاء، والمحال للدراسة في لجنة الشؤون الإسلامية بالمجلس، وأن على مجلس الشورى أن يشرك لجانا أخرى مع الإسلامية في دراسة النظام، كلجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية، إذ لا ينبغي أن تنفرد لجنة الشؤون الإسلامية بالقرار!.
ويبدو لي أن الدكتورة الشعلان تتحدث عن نظام جديد شبيه بنظام حماية الوحدة الوطنية، قدمه مجموعة من أعضاء المجلس، والدكتورة تطالب بعدم تفرد لجنة الشؤون الاسلامية بالقرار، لأنها خائفة -وحق لها أن تخاف وتقلق!- أن يلقى النظام الجديد مصير ما لقيه نظام حماية الوحدة الوطنية الذي قدمه الدكتور سعد مارق قبل خمس سنوات، وأنا أؤيد ما ذهبت إليه الدكتورة لطيفة، في ضرورة إشراك لجان قانونية ورقابية أخرى مع لجنة الشؤون الإسلامية التي لها سابقة غير محمودة في إجهاض ورفض النظام المقدم من الدكتور مارق دون تبرير مقنع، أو سبب واضح، كما آمل من رئاسة المجلس أن تطلب نظام حماية الوحدة الوطنية وتضمه إلى النظام الجديد، بحيث تتم الاستفادة من النظامين في تطوير أحدهما، بحيث يكون المطور هو النسخة المعتمدة لاستكمال الإجراءات النظامية، لإقراره واعتماد تطبيقه.
لماذا هذا التخوف من لجنة الشؤون الإسلامية أو ما يماثلها في أي جهة حكومية؟!
الإجابة موجودة في مقالي أمس، وفي بداية هذا المقال، وهي أن التنظيم السروري المتغلغل في كل مفاصل الدولة، لن يسعده أن يصدر نظام كهذا يحمي وحدتنا الوطنية، وذلك لأن هذا التنظيم الخطير هو من بذر بذور الطائفية والكراهية، وتبناها وغذّاها على مدار أربعة عقود، وتناغم معه تنظيم الولي الفقيه. فالتنظيم السروري لا يؤمن بالوطن، وإنما بالأمة والخلافة، ولذلك فهو شجع ويشجع «داعش» وخليفتها الموهوم البغدادي، وتنظيم الولي الفقيه، تقوم عقيدته على تصدير الثورة، وزعامة ولي الفقيه كحال خامنئي الآن، فهو مصدر كافة السلطات، مثله مثل المرشد في تنظيم الإخوان المسلمين، ومثل الخليفة الفقيه في التنظيم السروري. وبالمناسبة، فإن «السرورية والإخوان» نجحوا في إقناع رئيس تنظيم الحمدين «حمد الكبير!» بأنه مؤهل وفقيه ليكون خليفة للمسلمين، بعد أن تسقط بلاد الحرمين -هكذا يسمونها، ولا يقولون المملكة العربية السعودية مطلقا- في أيدي السرورية عن طريق خطة تآمرية، بين التنظيمين «السروري، والحمدي» خيبهما الله!.
أرجو أن أكون قد أوضحت أنني لا أصفي حسابا مع أحد مطلقا، وإنما أسعى إلى أن نعيش في وطننا آمنين كما نحن، ومتعايشين بكل مذاهبنا وفئاتنا كما نطمح، ومسالمين مع المسلمين في اختلافات ما يعتقدون، ومتعايشين مع العالم كله بعيدا عن الطائفية والعنصرية والكراهية، لا في الداخل ولا الخارج، فكلنا في هذه الأرض لآدم وآدم من تراب، وحساب كل فرد في الأرض في اعتقاده وعبادته على الله، أما التعامل بين الناس بعضهم بعضا، فلابد من أنظمة حمائية من بعضهم بعضا، ولحماية اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية، وهذه الأنظمة من أهم مسؤوليات ولي الأمر، وكل من وضع ثقته فيه، وتنفيذها والالتزام بها واجب الجميع مواطنين ومقيمين!.